في الجزء الثاني من حوار «الأمناء» مع رئيس الدائرة السياسية لحزب الرابطة | الدولة القادمة في الجنوب تتميز بوجود مدرسة حضرموت الدينية السمحة

نرحب بدعم السعودية لتحقيق إرادة الشعب الجنوبي ووقوفنا إلى الصف السعودي ليست تهمة
الدولة القادمة في الجنوب تتميز بوجود مدرسة حضرموت الدينية السمحة
الهوية اليمنية ليست هوية الجنوب ولم تكن في أي لحظه تاريخية هوية لنا

yaljifriفي الجزء الثاني والأخير من الحوار, يواصل الأستاذ يحيى الجفري, رئيس الدائرة السياسية والعلاقات الخارجية في حزب الرابطة , حديثه حول القضية الجنوبية وتشعباتها الداخلية والخارجية: خلافات القيادات في الحراك الجنوبي, ونسيج التسامح والتصالح, إضافة إلى واقع التعليم في عدن, وتأييد حزب الرابطة لثورة 11 فبراير حينها, والصراع الإيراني السعودي في الجنوبي. كما تم التطرق إلى مسألة الهوية الجنوبية, وقضايا أخرى.

حاوره نشوان العثماني: الخميس 19 ديسمبر 2013

وعند الحديث عن خلافات القيادات في الجنوب وعدم اتفاقها وكأنها اتفقت على أن لا تتفق, هل تكون في ذلك شبيهة بقيادات الشمال اليمني؟ ودعني أقول إن الفارق ضئيل جداً؛ أم ترى أننا نحمّل هذه الاختلافات أكثر مما تحتمل أم العكس؟
القيادات في اليمن الشقيق والقيادات في الجنوب العربي، لكل منهم ظروفه وأبعاده الإنسانية سواء التاريخية أو الاجتماعية أو الجغرافية.. وقد يتفقون في صفات ويختلفون في أخرى وتلك طبيعة بشرية تماماً مثل الخلافات البينية للقيادات في كل بلد على حده.. فالقيادات في اليمن الشقيق مختلفون على سلطة ومال ونفوذ.. أما القيادات في الجنوب، فكما أوضحت في الإجابات السابقة، أن الخلاف سنة بشرية وعلى الجميع التعاون في نقاط الاتفاق وتأجيل نقاط الاختلاف، فالأغلبية من الشعب في الجنوب لهم غاية واحدة هي التحرير والاستقلال وبناء دولتهم الجنوبية الفيدرالية لجنوب جديد خالٍ من الصراعات؛ وكما أسلفت فخلافات الإخوة في اليمن على مصالح وخلافات بعض القيادات في الجنوب قد تكون أعمقها غياب الاطمئنان وعلينا أن نعمل على إزالة هذا الغياب.

* لِمَ لم نر التصالح والتسامح فعلاً لا قولاً؟ هناك إجابة تقول: بسبب مصالح فردية لبعض القيادات كان أن استمر الشرخ وأثر على الجماهير ولم تستطع الأخيرة أن تجبر قياداتها على أن تنصاع لهذا المطلب الإنساني السامي والنبيل!!
التصالح والتسامح، ونرى أن يكون التسامح قبل التصالح، يدل على وجود موروث صراع.. وفي نظري أن التسامح والتصالح يحتاج لوقت ليس بالقصير لتطبيقه على أرض الواقع بين القيادات؛ لأنه يتعلق بصراع النفس، وتهذيبها وتطويعها وترويضها، قبل أن يكون صراع مصالح فردية ويحتاج تعاون الجميع، الجميع.. أما في أوساط الغالبية الساحقة من شعب الجنوب فلا وجود حقيقي له إلا سطحياً “بالعدوى” لأن أكثر من 80% من شعبنا لم يشارك في صراعات الماضي.. وآثاره حتى في الكبار قد ضعفت بحمد الله؛ ولأننا بعيدون عن هذا وليست لدينا أي حساسيات شخصية أو مناطقية فنستطيع أن نلمس تقلص آثار الصراعات عند الغالبية الساحقة والحمد لله.

* ثم أن هناك مشكلة لا تبدو ظاهرة الآن – وأنا أقول إنها مشكلة حقيقية – وهي تحويل منبر الجمعة من جملته الدينية إلى الجملة السياسية والتحريض وحرف مسار الدين.. ألا تعتقد معي أن هذا الفعل (إقحام الدين تحت مطية السياسة) له أن يكون غداً عقبة كأداء أمام الدولة المدنية وأنه يهدد الإرث الحضاري والمدني للجنوب؟
أن يكون الدين مطية للسياسة فهذا مرفوض جملة وتفصيلاً.. ولكن أن يوجه الدين السياسة بالنصح فهذا مطلوب ومرغوب.. نعم لأسلمة السياسة وذلك بإضفاء قيم وأخلاق الدين على التعامل السياسي فتتهذب أساليب السياسة صوب التسامح والمودة والتصالح مع النفس ومع الآخر ولكن لا لتسييس الدين.. وحذرنا، ونحذر، من استخدام الدين في المنافسة السياسية أو الصراعات.. ولذلك أتفق معك تماماً أن استخدام الدين كوسيلة للوصول إلى السلطة بما ينتجه من احتراب، سيهدد التمدن والرقي والأسوأ أنه سيسيء إلى الدين.. وأضيف أن الخطورة تكمن في أن الصراعات على أساس الدين يجعل كل طرف يخرج الآخر من الدين وبالتالي يستحله نفساً ومالاً وعرضاً!!

ثم إن هذا الخوض المازج بين السياسة والدين يأتي في ظل منطقة صارت مشكلتها العويصة الاحتراب المذهبي في الدين الواحد.. ألا يشكل هذا التواطؤ – والسكوت أبرز تجلياته – مع هذا المشهد إتاحة الفرصة – بل والتشجيع – لجماعات دينية تتسلق الحراك الجنوبي لتتمترس غدًا في مواجهة الدولة إن حدث وأقيمت في الجنوب دولة؟
الدولة القادمة في الجنوب تتميز بوجود مدرسة حضرموت الدينية ذات الطابع الإسلامي السمح والتي نشرت الإسلام في أصقاع الدنيا دون إراقة قطرة دم واحدة.. وبالتالي فالحصانة ضد الاحتراب الديني موجودة.. ولكن لا يجب أن نقلل من خطورة الجماعات الدينية التي تتخذ الدين وسيلة لتحقيق مآرب سلطوية.. وأريد أن أنوّه بشدة أن الإسلام بحد ذاته لا يقف أمام التمدن والرقي، فنحن نؤمن بأنه الرسالة الخاتمة والخالدة والمصلحة والصالحة لأي زمان ومكان.. وفي وثيقتنا العاشرة “السياسات الداخلية والخارجية” ضمن {مشروع لاستقلال الجنوب} حددنا بدقة وعمق رؤيتنا حول هذا الأمر وأثبتنا أن لا تعارض بين ديننا والدولة المدنية.

رُمي الجنوب من قبل النظام السابق بعاهات عدة بدأت بتدمير واجتثاث الدولة ثم التعليم ثم الفكر ثم المخدرات ثم الآن يجري استغلال الخلافات في الصف الجنوبي… الخ, أين هي قوى المجتمع تلك المثقفة والمفكرة والمتنورة وقائدة المجتمع المدني وأين هي الأدوات المقاومة لهذا الاستهداف؟
لا تغفل عوامل أخرى تساعد على رسم هذه الصورة القاتمة.. ونحن ندرك خطورة تردي الأوضاع.. لذلك فإننا في حزب الرابطة نولي اهتماماً كبيراً للنخب المجتمعية ويجب توفير الإمكانات والطاقات والأدوات لها للوقوف ضد مستهدفات الفساد والإفساد، وللنهوض بالوعي المجتمعي نحو التنمية والتقدم؛ كما أن للإعلام الدور الهام في هذا الأمر ونأمل أن تبتعد وسائله عن “الإثارة” للترويج لأننا في مرحلة هامة وحساسة.

* التعليم اليوم في عدن في حالة مستنقع وكثير من الشباب انحرفوا نحو المخدرات… الخ, فإذا كان نظام صالح المسئول الأول, من يا ترى المسئول الثاني والثالث؟
لا يزال الجنوب واليمن يرزح تحت آثار النظام المختلط الأسبق واللاحق.. وهل النظام أي نظام هو في شخوصه أم في مضمونه؟ أخي الكريم النظام لم يتغير وما حدث هو أن لاعباً خرج من الملعب ودخل غيره فلا المحتوى تبدل ولا المضمون تعدل.. وهذا استمرار للزيف وتزييف الوعي الذي ساد منذ خمسين عاماً.. فلا أسبق ولا رحل.. ولا جديد تأتّى.. ولن يصلح الحال بما أفسده فكراً.. وأداة.. وآليات.. فلا سبيل سوى الاستقلال.. الاستقلال.. الاستقلال وبناء دولة جنوبية جديدة فدرالية تراعي خصوصيات كل منطقة.. واضعة لقواعد لا تمس للمواطنة السوية بأعمدتها الثلاثة {عدالة – ديمقراطية – تنمية مستدامة}.

حديث مكرور وهروب من واقع اختلف عما بُشّر به, خطاب منفر وكل يغني على ليلاه وكل ذلك على حساب ما يُفترض أن يكو ن عليه الواقع.. ما هي نظرتك اليوم الـ30 من نوفمبر؟
يوم الـ30 من نوفمبر الماضي، كان يوماً من أيام الجنوب التاريخية .. إيجابياً بجلاء المستعمر.. وخطأ تغيير الهوية إلى اليمنية؛ وما حدث من مآسي يجب علينا جميعاً الوقوف أمامها بكل شفافية وصدق مع النفس، لوأد آثارها ودفنها، حتى لا تتكرر.. ولا مجال للتفكير في “النبش” أو “الإثارة”.. فالجنوب يجب أن يكون جنوباً جديداً يتسع لكل أبنائه.. جنوب التسامح والمودة والتصالح مع النفس ومع الآخر.

* سنأتي هنا للحديث عن حزبكم «رابطة أبناء اليمن (رأي)».. ما هو وزن حزبكم السياسي والشعبي في الساحة الجنوبية واليمنية عموماً؟
الوزن السياسي لحزبنا، الرابطة (رأي)، تعكسه حركتنا الوطنية فنحن أقدم حزب في الجنوب وعلى مستوى الجزيرة العربية قاطبة ونحن من طرح الهوية الجنوبية لكيان واحد اسمه الجنوب العربي سنة 1951م؛ ولذلك فنحن الأب المكلوم والأم الثكلى للجنوب وهويته ودفعنا ثمناً غالياً في كل المراحل؛ ونحيي كل من خالفونا حول هذا الأمر على شجاعتهم السياسية والأدبية لتمسكهم اليوم بالهوية الجنوبية.. أما الوزن الشعبي لأي حزب حتى في الديمقراطيات العتيقة في بريطانيا وأمريكا وغيرها لا يستقر على قراءة واحدة.. فهو يتأرجح صعوداً وهبوطاً حسب المواقف السياسية التي يتخذها.. ثم اليوم المقاييس اختلفت في عالم تلاشت فيه المسافات.. وتشابكت فيه المصالح.. فدخل في احتساب الوزن النسبي لأي حزب ما يقدمه من رؤى.. ومشاريع.. وخطط للتنمية.. وسياسات مستقبلية.. وما يضع من قواعد للسياسة الداخلية غير متصادمة مع مصالح حيوية لإطاره الإقليمي والدولي؛ واستيعابه للعصر ومعطياته؛ وغياب أي إعاقة لثقافة أو تجربة أو عداوات حادة سابقة محلياً أو إقليمياً أو دولياً؛ والشعبية عامل متغير لها قيمتها لا شك لأنه عبرها يصل الحزب إلى موقع القرار ولكن ليس قبل قناعة الناخب بما لدى هذا الحزب أو ذاك من برامج و… و… الخ؛ ومن هنا أستطيع القول وبفخر أننا نكاد ننفرد كحزب سياسي برؤى قدمناها في الشارع السياسي؛ لأننا ندرك أنه بها لا بدونها يمكن اكتساب الوزن النسبي الأعلى شعبياً عندما يقترع الناس في انتخابات حرة ونزيهة.. والبعض قد يرى أن الرؤى ترف أو حيلة من لا يمكنه أن يستغل عدم رضا الناس ليكسب شعبية ولا يرى في الحزب مؤسسة يتوقع منها أن تحقق الصالح العام للوطن وأهله عبر برامج عملية واقعية مصحوبة بقراءة توضح الكائن وما يجب أن يكون وبشفافية كاملة.. ومن يلقي نظرة على موقع حزبنا ليطلع على وثائقنا سيجد الدليل.. فنحن كحزب بقدر ما تمثل الشعبية في الوزن النسبي من أهمية إلا أننا نعي أنه لا يمكننا أن نبقى متمتعين بها لأطول مدة ممكنة في ظل حياة سياسية تنافسية إن لم نكن ممتلكين لمحتوى ومضمون. كما أن الإقليم والعالم لا يمكن له أن يؤيد أي دولة قادمة وهي مجهولة الهوية والسياسات لذلك طرحنا {مشروع لاستقلال الجنوب}.

كنتم أول حزب وتحديداً في 19 فبراير 2011 (إن لم تخني الذاكرة) أيد ثورة 11 فبراير, وأعلنتم هذا الموقف من عدن على لسان الأمين العام للحزب.. كنتم متفائلين بثورة الشباب, ما الذي أحبط هذا التفاؤل وجعلكم تتخذون موقفاً مطالباً بـ فك الارتباط؟
نعم، كنّا أول حزب أيّد الثورة كما ذكرت في سؤالك ولم تخنك ذاكرتك.. ولكن كنّا ندرك أن القوى المتنفذة في اليمن لا تختلف كثيراً عن النظام السابق!! وثبت اتفاقهم هذا مع النظام السابق وشاركوه في السلطة غير آبهين بشهداء الساحات الثورية السلمية!! حتى وصلوا إلى حكومة مناصفة مع النظام السابق!! وكنّا قد وصلنا إلى قناعة أن لا فائدة من الاستمرار مع اليمن في هذه الوحدة.. وقررنا رفع شعار التحرير والاستقلال – وليس فكاً لارتباط – لأن ما نحن فيه احتلالًا وإقامة دولة الجنوب الجديدة الفيدرالية؛ وكنّا قد استقرأنا أن هذه الثورة ستكون جسراً لأن يعود الحراك الجنوبي إلى نشاطه في عدن بعد أن مُنع بالقوة من إحياء أي فعاليات فيها واتجه إلى المحافظات الأخرى و”عدن” هي الأهم.. وكان إعلاننا في عدن بعد أن أوقفنا أي حوار مع السلطة منذ أكثر من سنه من تأريخه ” فبراير 2011م”.

* قول يتردد: علاقتكم الوثيقة بالمملكة العربية السعودية جعلتكم بتفاهمات مع الأخيرة ومكونات في الحراك الجنوبي تقفون مع صف «فك الارتباط» حتى لا ينفرد الجناح المدعوم من إيران بهذا المطلب في الساحة الجنوبية!! ما هو ردكم؟
يجب أن يعرف الجميع أن قرار التحرير والاستقلال نابع من ابن الجنوب الذي يعاني حياة تعيسة وبئيسة.. ونحن نقف مع إرادة الشعب في الجنوب في التحرير والاستقلال وإقامة دولته الجنوبية الجديدة الفيدرالية.. ثم أن تأتي التحليلات من هنا أو هناك لتصف المشهد من زوايا خفية فأعتقد أنها تحتاج إلى دليل أو اعتراف.. ونحن في حزب الرابطة (رأي) نرحب بدعم المملكة العربية السعودية لتحقيق إرادة شعبنا في الجنوب.. فـ”الجغرافيا تحكم”.. وعلاقات سوية ومتميزة نرى أن تكون مع المملكة ودول الخليج، وليس ذلك جديداً ولا سراً بل حاربتنا كل القوى على انتهاج هذا النهج.. والجميع سعى ويسعى إليه اليوم.. وأنهي الإجابة بالتأكيد أن للمملكة العربية السعودية سياستها المعلنة من خلال تبنيها ودعمها للمبادرة الخليجية ولم نقرأ أو نسمع أو نرصد أي تغيير في سياستها المعلنة والدول لا تغير توجهاتها خوفاً من دولة ما أو نكاية بها فالعلاقات البينية بين دول أي إقليم تقوم على الاحترام والاعتراف المتبادل لمصالح كل طرف.

ما هو وصفكم للصراع الإيراني السعودي في الجنوبي وما هو موقف حزب الرابطة من هذا الصراع/ التدخل؟ مع أن هناك وفقاً للقول السابق من يتهم الرابطة بالوقوف إلى الصف السعودي وبذلك تظل أداة من أدوات هذا الصراع؛ هذا وخصوصاً أن رئيس الحزب كان ممن نُشر اسمه ضمن كشف اللجنة الخاصة التي تستلم مرتبات شهرية من الجانب السعودي!! (لم أقرأ نفياً؛ ولا أدري ما إذا كان السيد عبدالرحمن الجفري قد نفى هذه المعلومات).
التنافس على النفوذ إقليمياً، بل ودولياً، لا يقف عند حد.. ووقوفنا إلى الصف السعودي ليست تهمة.. وعلاقاتنا كحزب مع الدول الشقيقة والصديقة ليس فيها ما نخجل منه حتى نخفيها.. أما المرتبات التي ذكرتها فاسأل عنها ناقلها والمنقولة عنه علماً بأن السيد عبدالرحمن لم يتسلم فلساً واحداً من المملكة طوال حياته إلا بعد هزيمة صيف 94م عندما قبلته السعودية كلاجئ سياسي هو وزملائه وعلى وجه الخصوص قائمة الست عشرة الذين حوكموا غيابياً وليس في اللجوء وإعانته ما يعيب .. وفي أوروبا لجأ إليها كثيرون من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين بل وغيرهم من جميع الأطراف الجنوبية بلا استثناء والنازحين في كل المراحل ويستلمون إعانات لاجئين؛ ويحضرني هنا تحد كان وضعه سيدي الأخ عبدالرحمن في 92م إن لم تخُنِّي الذاكرة عندما بدأ رؤوس النظام يُسَوِّقون مثل هذه الاتهامات لتُجبر الرابطة على قبول الاستفتاء على الدستور أن طالب علناً مناظرته على التلفزيون اليمني عن هذه التهمة معلناً قبوله حكم الإعدام إن ثبتت عمالته وحزبه بالدليل غير القابل للشك.. ولكن في المقابل إن أثبت هو أن من يتهموه هم من يستلم مبالغ وبأدلة قاطعة مانعة فلا يريد إعدامهم ويكفيه فقط الالتزام بعدم تكرار الكذب والتشويه وتزييف وعي الناس.. ولم يتقدم أحد.

* طيب ما هي مشكلة الجنوب مع الهوية اليمنية؟ أم أنها مشكلة من يقول إن الجنوب ليس يمنياً؟
الهوية اليمنية ليست مشكلتنا في الجنوب؛ لأنها أصلاً ليست هوية الجنوب.. ولم تكن في أي لحظه تاريخية هوية لنا.. بل وأتحدى أن يثبت لي أحد أن شمالنا جهوياً كان يُعرف باليمنية كهوية سياسية قبل أن يغيّر الإمام يحيى غفر الله له اسم دولته من المملكة المتوكلية الهاشمية إلى اليمنية في أواخر عشرينات القرن الماضي بعدما اطمأن إلى أن كل اليمن من “صعده” إلى جزء من التهايم قد دانت له.. أما قبل هذا فكان جنوب الجزيرة دولاً.. أوسان.. قتبان.. سبأ.. معين حمير.. زريعيون.. ايوبيون.. صليحيون.. أحقاف.. ظفار…. إلخ.. واليمن كلمة تحمل معنى جهوياً أي (يمنات/ جنوب) كالشام (شمال) ولو سألت المسنين من قومك في الحواشب ماذا كنتم تقولون إن اتجهتم جنوباً سيقولون نقول ذاهبون إلى اليمن.. ونفس القول يقوله ساكن صنعاء إذا اتجه إلى العصيمات.. فكيف ومتى وعلى أي أساس أضحت هوية سياسية وهوية كيان في دولة اسمها اليمن؟.. متى أجبت بتجرد ستعرف ما هي المشكلة.. وزد على ذلك أنها أصبحت تُتَّخذ الآن من البعض قضية، وأزمة، بل وخروج عن الملّة، تجدها عند البعض في اليمن إن قلنا أن الجنوب ليس من اليمن!! وهذا البعض يريد يسرق وطن وهوية وشعب!!.. وما هكذا تورد الإبل يا قوم.. كفانا زيفاً.. وكذباً.. وتمسكاً بما ليس قائماً لا أمس ولا اليوم ولا الغَدْ. والجنوب كان يسمى ا”مستعمرة عدن ومحمياتها الشرقية والغربية”؛ وتأسست الرابطة رسمياً في عدن في 29 إبريل 1951م ونادت بوحدتها واستقلالها تحت مسمى الجنوب العربي وصدرت جميع قرارات الأمم المتحدة بذلك في مايو 1963م.

* في مشروعكم الأخير والذي نشر بملحق منفرد أصدرته «الأمناء», اقترحتم اسمين للدولة القادمة؛ إما «جمهورية الجنوب العربية الاتحادية», أو «جمهورية الجنوب العربي الاتحادية».. ما هي مشكلة حزب الرابطة من الهوية اليمنية مع أن اسمه «رابطة أبناء اليمن» وهو الاسم الذي تبدل بعد أن كان «رابطة أبناء الجنوب»؟
مرة أخرى، ليست لدينا مشكلة من الهوية اليمنية، فهي هوية أهلها في اليمن.. واسم حزبنا أصلاً “رابطة الجنوب العربي” عندما كان نشاطه يقتصر على الجنوب.. وعندما تم إعلان الوحدة اتسعت مساحة نشاط الحزب، وقانون الأحزاب يمنع الأسماء غير الشاملة للدولة الجديدة، فاتفقنا في الحزب أن نغيّر الاسم إلى “رابطة أبناء اليمن” لأن الواقع فرض ذلك.. واليوم يثبت أننا كنّا على بينة من أمرنا عندما قلنا الجنوب العربي ولا لليمننة.. فالسؤال لمَن حَوَّل هوية الجنوب إلى اليمن.. والاسم في ظل الأمر الواقع كاسم جوازك، أو بطاقتك، أو عملتك!! والمهم المضمون؛ وما هو مطروح لمستقبل الجنوب.. فنحن لا نطرح للمستقبل دولة بغير اسم الجنوب.

* لم يكن «الجنوب العربي» يوماً هوية سياسية لكل الجنوب كما تعلم.. على العكس من «جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية», فلمَ لا يكون الاسم الأخير الذي دخل به الجنوب الوحدة هو اسم الدولة ما هي المشكلة؟ ألا ترى معي هنا أن التاريخ يجتر صراعاته كأن الجنوب لا يزال جبهة تحرير وجبهة قومية؟
أطلق رواد حزبنا اسم “الجنوب العربي” على الجنوب.. ولكن الظروف لم تساعد على إرساء هذا الاسم على الجنوب.. ويمننة وطننا الجنوب خطأ فادح ولم نجْنِ منه إلا الخسائر، بدءًا من نظرة أن الجنوب “فرع” و”جزء” يجب أن يعود إلى “الأصل” و”الكل”!! ومروراً بالحرب الظالمة في صيف عام94م!! وانتهاءً باستمرار معاملة المنتصر للمهزوم والمعاملة التمييزية ضد الجنوبيين!!.. فلِمَ الإصرار على الخطأ؟!! الرجوع إلى الحق فضيلة. وبعد إعلان الوحدة وإلغاء الدولتين السابقتين إذا كنّا سنعيد نفس الهوية، فلا مبرر لدولة في الجنوب لأن دستور “جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية” يقول: أن الأرض اليمنية واحدة.. والجنسية واحدة.. ويجب إصلاح الخطأ التاريخي بإعادة الوحدة؟!!!

«مشروع الدستور لدولة الجنوب القادمة» كما ورد في الوثيقة الحادية عشرة ضمن الوثائق الذي تضمنها مشروعكم الأخير وهو المشروع؛ أي الخاص بالدستور, الذي أعددته أنت والدكتور أحمد زين عيدروس. يرد في المادة الرابعة منه: «يحدد القانون علم الدولة, مقاساته وألوانه, ونشيد الدولة وأوسمتها وشعارها وشاراتها ويكون لكل إقليم علمه الخاص به وشعاره وأوسمته», والمشروع ينص على أن يكون هناك إقليمان شرقي ويضم ولايات شبوة وحضرموت والمهرة وأرخبيل سقطرى, وغربي ويضم ولايات عدن ولحج وأبين. ألا ترى معي هنا أن هذه المادة تقرب الصورة كثيرًا جدًا من نقطتين: أولهما: المحميات الشرقية والمحميات الغربية إبان الجنوب العربي مع الفارق أنها كانت22 سلطنة ومشيخة وإمارة إضافة إلى مستعمرة عدن؟ وثانيهما: مشروع الإقليم الشرقي الذي كثر عنه الحديث مؤخرًا لدرجة أن هذا الإقليم يخطط له أن يكون دولة خليجية؟ ثم لِمَ؟ ما فائدة العلم والشعار والوسام؟ ألن يؤثر ذلك على الوحدة الداخلية للجنوب في حالة صار دولة؟
من الأهمية بمكان التنبيه على أن الدساتير الفيدرالية تكاد تكون واحدة في ملامحها وتعقيداتها، تماماً، كما هي الأنظمة الفيدرالية في اعتماد مبدأ التقسيم الإداري [أقاليم وولايات] للوطن الواحد.. فلم نأتِ بجديد.. وأيضاً من المهم العلم بأن النظام الفيدرالي كما أنه يعطي الحق لكل إقليم أو ولاية للتكتل سواء بوجود العامل الجغرافي أم بعدمه، فإنه صمام أمان.

رابط الحوار
تنوية : نلفت النظر ان هذه الحوار عندما نُشر بتاريخ 19 ديسمبر 2013 كان اسم حزبنا هو حزب الرابطة “رأي”

شاهد أيضاً

الكثيري رئيسا مفوضا ويحيى الجفري نائبا له وفضل محمد ناجي قائم بأعمال الأمين العام

بعد مشاورات وتواصل مباشر وغير مباشر وتنفيذ لمشروع حزب الرابطة (السفر إلى المستقبل) أجرى حزب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *