يا قوم .. تعالوا إلى كلمة سواء

محسن محمد بن فريد
محسن محمد بن فريد

تحتفل بلادنا في هذه الأيام بذكرى عظيمة وبفضيلة إنسانية سامية حض عليها ديننا الإسلامي السمح، ألا وهي فضيلة التسامح والتصالح تأتي هذه الذكرى وبلادنا وأهلنا في الجنوب والمهاجر في أشد الحاجة لهذه الفضيلة الدينية والاخلاقية والاجتماعية والسياسية، بعد ما يقرب من خمسين سنة من السنوات العجاف التي مرت ببلادنا (شهدت النفي .. والإقصاء والتشريد والقتل وكتم الحريات وسيادة الرأي الواحد .. الخ)

لقد كان للحراك الجنوبي (الذي يضم كل الأطياف السياسية والاجتماعية، والمنتشر في كل قرية وسهل وجبل في الجنوب) كان له قصب السبق.. وشرف الريادة في ميدان التسامح والتصالح ، وفي وضع “القضية الجنوبية” في مكانها الصحيح.. وذلك منذ ما يزيد على خمس سنوات. وهو الامر الذي يُحتم علينا جميعاً اليوم ان ننظم صفوفنا ونجمع شعثنا ونتفق على كلمة سواء لنتوج هذا الحراك السلمي الجنوبي العظيم بتحقيق هدفه السامي المتمثل في الحرية والاستقلال والحياة الكريمة.

التسامح والتصالح يفقد معناه الحقيقي اذا ما اقتصر الأمر على رفع الشعارات واليافطات والاحتفال به كذكرى مرة واحدة كل عام. ينبغي علينا جميعاً أن نؤكد على هذا المبدأ الأنساني العظيم كعقد اجتماعي جديد ينظم ويضبط ايقاع التعايش والتعاون والتناغم بين كل القوى والفصائل الجنوبية، نطبقه في سلوكنا اليومي وليس فقط في المناسبات الموسمية الاحتفالية كشعارات ويافطات. كما ينبغي أن نقف ونضع المفهوم والمضمون الصحيح للتسامح والتصالح كمبدأ مطلق وشامل. بمعنى أن لا يقتصر التسامح والتصالح على فترة زمنية بعينها أو على منطقة بعينها أو على فصيل بعينه. التسامح والتصالح ينبغي ان يسري على كل فترات الصراع في الجنوب .. وعلى كل فئات ومناطق الجنوب. ويمكننا الاستفادة من تجارب غيرنا في هذا المضمار. وتجربة جنوب افريقيا خير مثال على ذلك.

على قاعدة التسامح والتصالح، بهذا المفهوم الشامل، اتمنى من كل الفصائل والتيارات الجنوبية، وفي الصدارة الحراك الجنوبي بكل فصائله، أن تتفق على كلمة سواء، او خارطة طريق، تحدد وتضبط المسار في الفترة المصيرية القادمة وتفضي إلى تحقيق اماني وتطلعات شعب الجنوب.

ونحمد الله انه قد قطعت أشواط طيبة على طريق توحيد الصف الجنوبي وبلورة موقف جنوبي موحد. واعتقد ان البلاغ الثلاثي الذي صدر في القاهرة في شهر نوفمبر 2012 عن الاستاذ عبدالرحمن علي الجفري.. والاستاذ حيدر ابوبكر العطاس.. والاستاذ حسن أحمد باعوم، ثم المذكرة التي اتفق عليها طيف واسع من أبناء الجنوب في الرياض في منتصف شهر ديسمبر 2012 وقُدمت لأمين عام مجلس التعاون الخليجي، ومن ثم لقيادة مجلس التعاون الخليجي، أعتقد ان هاتين الوثيقتين تمثلان أرضية جيدة وصلبة يُبنى عليها في وضع خارطة طريق تخرج أبناء الجنوب من الوضع القلق الراهن إلى النهاية الناجحة المأمولة وفي هذا المنعطف التاريخي المصيري أقول، لماذا لا نتفق ياقوم على:

أولاً: ان الجنوب ملك لكل أبنائه. وانه لا يحق لأي طرف جنوبي بمفرده انه يدعي الان انه يمثل “كل” الجنوب.

ثانياً: ليس من حق أي فصيل أو طرف جنوبي أن يبت بمفرده، الآن، حول المسألة الملحة والعاجلة، وهي مسألة الحوار الوطني الذي يُعّد له في صنعاء منذ عدة أشهر. فهذا الامر يبت فيه المؤتمر الجنوبي/الجنوبي الشامل. فهو الذي يقرر الحضور من عدمه. وهو الذي يقرر كل التفاصيل والآليات الخاصة بهذه الفعالية السياسية المصيرية. (وفي حالة اذا ما انتدب أحد الأطراف الجنوبية نفسه كممثل لشعب الجنوب الآن، ودخل إلى حوار صنعاء “هذا”، فينبغي ان يعلم القاصي والداني ان هذا الطرف لا يمثل إلا نفسه. وعلينا أن لا نُسفهه أو نُكفره. ولكنه بفعلته هذه يكون قد عزل نفسه عن آمال وطموحات شعب الجنوب)

ثالثاً: السعي الجاد والصادق من قبل كل الأطراف الجنوبية لعقد مؤتمر جنوبي/جنوبي شامل يضم كل الأطياف الجنوبية بدون استثناء او إقصاء (إلا من يُقصي نفسه .. ويتخلف عن الركب)، يُفضي هذا المؤتمر ، بعد النقاش المسؤول والمستفيض لكل الرؤى والخيارات، إلى رؤية (لا يمكن إلا أن تكون ملبية لآمال وطموحات الاغلبية من شعب الجنوب) ومرجعية سياسية جنوبية موحدة.

عندها .. يمكن لنا ان نواجه الداخل، والأقليم، والعالم، بهذه الرؤية الجنوبية المُوحدة، والمرجعية السياسية الجنوبية الموحدة، ونطرح قضيتنا العادلة في كل المحافل بطريقة حضارية راقية. بعيداً عن النزق والتشنج.. والعداء لهذا الطرف أو ذاك.

وعندها سيصغي لنا ويحترمنا الداخل .. والأقليم.. والعالم.

وعندها فقط ستنتصر قضيتنا العادلة.

شاهد أيضاً

عدن محافظة منكوبة

بداية، ببالغ الحزن والأسى نتقدم بأصدق التعازي والمواساة القلبية لذوي الشهداء جراء هذه الكارثة، فكل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *