كانت فعالية 20-21 فبراير فعالية سلمية جماهيرية جنوبية بامتياز ، شارك فيها الشعب الجنوبي من أقصاه الى اقصاه ليعبّر عن موقف شعبي جنوبي شامل ، ويوجّه رسالته للداخل والخارج عنوانها ( انتهى زمن تقرير قضايا الشعوب المصيرية بقرارات سياسية / لالمخرجات الحوار اليمني ومنها أقلمة الجنوب العربي في إطار اليمن ) أمام زحف الجنوبيون من مختلف مناطق الجنوب باتجاه عاصمتهم عدن ، فشلت نقاط مداخل عدن ( العلم والرباط ) من ايقاف الحشود المشاركة في الفعالية من أبناء المحافظات الجنوبية ، وفشلت ايضاً النقاط الداخلية التي اقيمت لعزل مدن عدن عن بعضها امام تدفق المشاركين من ابناء عدن في الفعالية ..
ولم يبقى غير الاستماتة في منع حشود الحراك السلمي الجنوبي من الوصول الى ساحة الحرية بخور مكسر واعطاء الاوامر بالقتل لمن يقترب منها ، بالمقابل كانت حشود الفعالية مصممة على دخول الساحة يقتل من يقتل كما كان يعلن المحتشدون ذلك ، ولولا توفيق ربنا بنجاح جهود لجنة الفعالية والقيادات الشبابية وقادة المكونات الحراكية في إقناع الحشود المشاركة في الفعالية بتجنّب دخول ساحة الحرية للحفاظ على ارواح المشاركين لتحولت الساحة الى مذبحة رهيبة .
الجديد في هذه الفعالية تجدد الرسائل الخاطئة الموجّهة من صنعاء للجنوبيين حيث قوبلت فعاليتهم السلمية بالقنابل والرصاص ، هكذا عاد اسلوب قمع العمل السلمي ، فقد كانت حصيلة ضحايا هذه الفعاليةشهيدين و 27جريح و حوالي 30 معتقل تم اطلاقهم لاحقاً، خلافاً لحالات الاختناقات من القنابل الغازية والاعتداء بالضرب بالهراوات واعقاب البنادق، اضافة الى ما يجري بصورة يومية في الضالع من تدمير منازل المدن والقرى على رؤوس اهلها والتصفيات العلنية والسرية والاختطاف والاعتقال لإبناء الضالع وترحيليهم الى صنعاء الذي فاق عددهم عن 30 شخص والحملات العسكرية براُ وجواُ في حضرموت ، والتوجّه ايضاُ لإغلاق الصحف الجنوبية بسبب نقلها لما يجري على الأرض بدء بصحيفة الايام في الماضي وصحيفة عدن الغد وغيرها بعد الفعالية الاخيرة.
عبرّ الكثيرون من المتهمين بالشأن السياسي عن تشاؤمهم بعودة العنف تجاه الفعاليات السلمية وتوقيف طباعة الصحف الجنوبية ورأوا فيه رسالة غير موفقهللمتنفذين اليمنيينبل ومخالفه صريحة للتوجّه السياسي المعلن لما سمي بالعهد الجديد .. عهد القبول بالآخر والاعتراف بحقه في التعبير السلمي عن تطلعاته بكل حرية ودون خوف .. وهو ما التزم به النظام في فعاليات صنعاء وخالفة في فعاليات عدن .. الكثيرون فسّر هذا الموقف المتناقض بقولهم :- ( الفعاليات السلمية في صنعاء تطالب بالتغيير وإرساء دولة النظام والقانون في يمنهم ،وهي المهمة التي يدّعي أقطاب نظام اليوم ( شركاء النظام السابق ) القيام بها في عهدهم الجديد ، بمعنى آخر أن تلك الفعاليات السلمية في صنعاء تخرج بدعم وتأييد النظام ، بينما الأمر في عدن ( الجنوب ) مختلف ، حيث الفعاليات تعلن موقف ضد مخرجات حوار شركاء النظام ( القديم – الجديد ) شركاء النصر في معارك احتلال الجنوب في حرب 94م التي مكنتّهم من استباحة الارض البكر ونهب ما عليها وما في باطنها من ثروات .
انتم الجنوبيون تعلنون في فعالياتكم السلمية ( التمسّك بهويتكم الجنوبية العربية المستقلّة عن الهوية اليمنية ، وتطالبون بتحرير واستقلال وطنكم من الاحتلال اليمني ، وتتوقون لإقامة دولتكم الجنوبية الفيدرالية المستقلّة كاملة السيادة وبحدودها يوم توقيع وثيقة استقلال وطنكم ( الجنوب العربي) من قبل ممثلي بريطانيا التي كانت تحتل بلدكم ) اليس كذلك ؟؟ لاحظوا الفارق بين مطالب فعالياتكم السلمية ومطالب الفعاليات السلمية اليمنية ، الا ترون انكم بذلك تجعلون المتنفذون اليمنيون يفقدون اعصابهم ويرمون عرض الحائط بتعهدات العهد الجديد ..
حكّام اليمنمن عصر الأئمة الى اليوم يتوارثون الأطماع في الجنوب تحت ادّعاء مناقض لحقائق تاريخ المنطقة ( الجنوب العربي )الذي يعتبرونه جزء يتبعالمنطقة التي اكمل الامام يحيى احتلالها بُعيد الحرب العالمية الأولى 1918م ، واطلق عليها لاحقاً اسم اليمن ،وقد شنوا معارك دموية وسياسيةعديدة على الجنوب لتحقيق اطماعهم، واستطاع اليمنيون حسم معركة ابتلاع الجنوب عندما انتصروا على الجنوبيين في معركة ( الهوية ) والبسوا شعب الجنوب هويتهم اليمنية عبر اسلوب تآمري رخيص ،بدأ منذ مطلع الستين.
… يستطيع القارئ الجنوبي الاطلاع عليه من قراءة مذكّراتهم المنشورة في كتبتهم ومقابلاتهم بعد الوحدة في الاعلام المقروء والمرأى والمسموع وفيها كل واحداً منهم يتباهى بدوره في يمننة الجنوب كقول بعضهم :- (ماكان لنا تحقيق النصر في معركة يمننة الجنوب دون رفض الاستقلال السلمي للجنوب بموجب قرار الأمم المتحدة الذي اعلنت بريطانيا موافقتها عليه وحددت موعده في يناير 1968م ، ولم يكن أمامنا وسيلة لإفشاله غير الدعوة للحرب ضد الاستعمار البريطاني ورفع شعار ما اخذ بالقوة لا يسترد الا بالقوة .
هذه الدعوة التي لاقت تجاوب الجنوبيين ولاقت الدعم والمسانده من اليمن والاشتراك فيها مع الجنوبيين مما مهّد لقبول الجنوبيين بواحدية الأرض اليمنية والانسان اليمني وتثبيتها في وثائق جبهات تحرير الجنوبي اليمني المحتل وتسمية الدولة لاحقاً عند استقلالها في نوفمبر 1967م) ، لم يكن ما فعلوه من أجل إسعاد الشعب الجنوبي ، ولن اتحدث عن ما عشناه واقع ، ولا عن تباهيهم بذكاءهم وسخريتهممن غباء الجنوبيين .
اليوم لن يعود الجنوب لأهله إلا بتمسكهم بهويتهم الجنوبية العربية التي انهزم المتمسكين بها المعارضين ليمننة الجنوب العربي في صراعهم امام دعاة اليمننة بسبب اختلال ميزاته القوى لصالح قوى اليمنية في تلك الفترة ، اما اليوم وبعد أن ذاق الشعب الجنوبي مآسي اليمننة وبرزت طلائعه تقود ثورة الانتصار للهوية الجنوبية واستجاب لها الشعب الجنوبي من اقصاه الى اقصاه فقد اصبحت نهاية مرحلة يمننة الجنوب العربي مسألةوقت ليس إلا .
نقول لإخوتنا الجنوبيين في مختلف مفاصل سلطة النظام القائم هيئوا خط رجعه مع شعبكم في ثورته للانتصار لهويته الجنوبية و مواجهة المتمسكين باليمننة ، فاليمنيون لن يخجلوا مستقبلاُ من التباهي بذكائهم في رسم ادواركم ونعتكم بالغباء لقبول وتنفيذ تلك الادوار ، لا تمعنوا في قمع أهلكم في نضالهم السلمياليومي فإنهم يصنعون لأولادكم واحفادكم المستقبل المنشود للأجيال الجنوبية القادمة .
كما نوجّه رسالتناالاخيرة الى قيادات التجربة التي اوصلت الجنوب وشعبه الى ما وصل له :-
– تنصّلوا عن التمسّك بيمننة الجنوب فالتجربة شاهدة على ما حدث بسببها منذ انتصارها في الجنوب وحتى تسليمه الى صنعاء (كفرع عاد للأصل ) واختفاءالجنّة الموعودةللجنوبيين بوحدتهم مع اليمن ، واعلموا ان التمسّك بيمننة الجنوب هو تأييد معلن لسفك دماء شعبنا الجنوبي وانكار حقه في التحرير والاستقلال والتمسك بهويته الجنوبيه .
– موقفكم المعرقل للمؤتمر الجنوبي الجامع وعدم قبولكم ببعضكم او بالآخر نضع عليه أكثر من علامة استفهام ، فإن كنتم تتصارعون في مهجركم فكيف الأمر إن عدتم وتحققت طموحاتكم في السلطة ؟؟
– مغازلتكم لنظام صنعاء مقايضة بالدم الجنوبي مقابل مناصب في سلطة صنعاء.
– نتمنى منكم وقف نشاطكم والاحتفاظ بأموالكم ووقف استمرار عبثكم بشعبنا الجنوبي فمن اضاعنا واضاع بلادنا بالأمس لن ينقذنا اليوم .