عندما طلب أعضاء مجلس العموم التوسط من سيادة الرئيس محمد حسن عوبلي رئيس الدولة الاتحادية ووزير المعارف سابقاً من سيادة رئيس وزراء عدن السيد زين باهارون الحضرمي بمعرفة حقيقة موقفه من مؤتمر لندن الدستوري عام 1964م تحت رئاسة المستر دنكان سانديس وزير شؤون الكومنولث ،وبعد ان بدأ المؤتمر جلسته الأولى خرج الوفد العدني من قاعة المؤتمر بسبب عدم الاتفاق على بعض الاجرآت في تسيير أعمال المؤتمروامتنع الوفد العدني عن حضور الجلسات ،وفي الأخير اتضح إن الحكومة البريطانية تسعى للحصول على توقيع من حكومة عدن على اتفاقية دفاعية تضمن لبريطانيا وجود القاعدة الحربية الضخمة التي شيدتها، ويظهران القاعدة ستشمل صواريخ ذات رؤوس نووية، ولكن لم يكن هناك طريق للتسوية بين المطالب المتعارضة.
لقد تمت المقابله بين السيد الرئيس محمد حسن عوبلي والسيد زين باهارون رئيس وزراء عدن حينها قال أمام سيادة الرئيس عوبلي… قال إن حكومة بريطانيا حكومة انتهازية ترعى مصالحها فقط… لاذمة لها ولاذمام … وإنها في اى لحظة تستدعي مصلحتها ذلك مستعدة للانقلاب على أصدقائها والتنكر لكل وعودها لكافة الاحتمالات التي قد تقوم بها .
وقال أيضا إن حكام ولايات المناطق الغربية هم واقعون تحت تأثير المندوب السامي البريطاني، وأنهم واثقون كل الثقة من وقوف بريطانيا إلى جانبهم… واعتمادهم هذا على بريطانيا سيجعلهم يتساقطون كأوراق الخريف بمجرد تغيير سياسة بريطانيا نحوهم،وأنهم إذا كانوا يعتمدون على بريطانيا في المحافظة على سلطتهم فسيجدون أنفسهم يوماً بدون سلطة على الإطلاق .
وقال الرئيس محمد حسن عوبلي حقيقة المأساة : وبذلك دفعت الملامة عن نفسي وعن زملائي في الحكومة الاتحادية التي أسقطتها بريطانيا … وعن شعبنا في عدن والجنوب العربي الذي اغتالته بريطانيا .
عـدن واتحاد الجنوب العربي – يتكون هذ الاتحاد من عدن والسلطنات التالية :-
السلطنة العبدلية/ السلطنة الفضلية / السلطنة العوذلية /سلطنة يافع الساحل / مكاتب ومشيخات يافع العلياء / إمارة الضالع /إمارة بيحان /ٍسلطنة العوالق العليا / مشيخة العوالق العليا /سلطنة العوالق السفلى / سلطنة الحواشب / أدارة دثينة (جمهورية دثينة ) / مشيخة الشعيب / مشيخة العلوي / مشيخة العقربي /واكبر هذه السلطنات السلطنة العبدلية .
الجمعية العدنية:-
تشكلت الجمعية العدنية قبل عام 1950م وقد التف جمهور العدنيين ومعظم المثقفين والمفكرين حول الجمعية العدنية كما شغل الأعضاء البارزون فيها عدة مناصب تشريعية ووزارية وتميزت الجمعية بأغلب أعضائها الذين أبدعوا في إدارة الحكم والقضاء ، كما كانت تعبر عن أفكارهم وآرائهم الصحيفة اليومية (صحيفة فتاة الجزيرة ) أما الصحيفة الرسمية لها تسمى ( العلم العدني)
وهي صحيفة يومية برعاية الأستاذ علي محمد لقمان الأمين العام للجمعية العدنية والسيد حسن علي بيومي رئيساً للجمعية والأب الروحي لها المحامي محمد علي إبراهيم لقمان رحمة الله تنزل عليهم .
من أهم أهداف الجمعية العدنية … إعطاء عدن الحكم الذاتي ثم استقلالها كدولة ذات كيان خاص بها .
إما بالنسبة للولايات الغربية ( اتحاد الجنوب العربي ) فقد كانت الجمعية تنظر إليهم كأشقاء يجب مساعدتهم في التقدم والتطور وأيضا اعتبرت حضرموت شقيقة لها ، وعملت الجمعية العدنية على تطوير دستور حكومة عدن المحلية ثم دستور حكومة عدن المركزية حتى تم إنشاء حكومة وطنية في عدن مسئولة مباشرة للشعب عن طريق انتخابه للمجلس التشريعي ، وعليه فقد شرعت في المطالبة بقانون ( تعدين الوظائف ) وهذا يهدف إلى التخلص من الموظفين الأجانب ـ البريطانيين او غيرهم ، ولكن الصورة التي رسمتها الجمعيه العدنية اساساً هي كانت الأصل لكل التطورات بصرف النظر عن الأسماء والمسميات .
رابطة الجنوب العربي :-
ففي عام 1951م ظهر حزب رابطة الجنوب العربي النقيض الآخر لما تنادي به الجمعية العدنية فقد كان حزب رابطة الجنوب العربي يهدف إلى تحقيق دولة موحدة تشمل عدن والمحمية الغربية والمحمية الشرقية … حضرموت ومسقط وعُمان.
أما مؤسس ورئيس حزب رابطة الجنوب العربي السيد محمد علي الجفري والأمين العام في بداية التأسيس السيد رشيد الحريري ثم انتخب بالإجماع السيد المحامي شيخان عبدالله الحبشي أميناً عاماً لحزب رابطة الجنوب العربي وكان شعار الرابطة ( لاإستقلال بدون اتحاد ولا إتحاد بدون عدن ) ولذلك حدث اصطدام الرابطة مع الجمعية العدنية وأيضا مع الحكومة البريطانية ووقع حزب الرابطة بين شقي الرحى ، وقد كان لحزب الرابطة صحيفة تعبر عن رآيه هي (صحيفة النهضة ) للسيد عبدالرحمن جرجرة ثم ( صحيفة الجنوب العربي ) للأستاذ أحمد عمر بافقية التي كانت حال لسان حزب الرابطة .
حزب المحافظين البريطاني :-
ففي الفترة الأخيرة من حكم حكومة المحافظين البريطاني اى مايتجاوز الأربعة الأشهر المتبقية من عام 1964م،وحينها قد عُـرض الاستقلال التام على اتحاد الجنوب العربي ولكن شريف بيحان حسين بن أحمد الهبيلي يخذل حكومة الاتحاد ويتجاهل الأمر،لهذا كانت خشية حزب المحافظين من حزب العمال إذا استلم زمام الحكم في بريطانيا قد تتغير الأمور بحسب ماكان مرسوم لدى حزب المحافظين ، وفعلاً تغيرت السياسة في بريطانيا بعد فوز حزب العمال البريطاني الليبرالي.
حزب العمال البريطاني :-
لقد بدأ التلاعب السياسي من بريطانيا في الستينات من القرن الماضي وفي ظل فترة حزب العمال الذي حكم المملكة المتحدة البريطانية والذي يميل إلى الليبرالية العمالية ،فعند وصول وزير المستعمرات والكومنولث إلى عدن المستر جرين وود في الحكومة العمالية البريطانية وهو رئيس مجلس حزب العمال البريطاني ، فقد أقرت الحكومة البريطانية تصفية الحكام التقليديين ، وهذا كان بالتنسيق بينه وبين زعماء المؤتمر النقابي العمالي في عدن برئاسة الأمين العام عبدالله عبدالمجيد الأصنج، وقد أوضح لهم سياسة الحكومة البريطانية الجديدة والتي تقوم على أساس تسليم الحكم في عدن والجنوب العربي لحكومة عمالية عدنية ، فالأمر اخذ منعطف خطير ، فقد سعى حزب العمال البريطاني في عام 1967م إلى تسليم الجبهة القومية السلطة في الجنوب لكونها الأقرب إلى سياستهم الليبرالية المرسومة لدى حزب العمال البريطاني ، ولوكان العكس وحتى مع وجود حركة الجبهة القومية آنذاك وكان زمام الحكم في بريطانيا بيد حزب المحافظين لما صار هذا الحال وما كانت الأمور مثل ماهي الآن ، ولكن الغدر والنكث من طبع مايسمى بالتقدميين الليبراليين والاشتراكيين والشيوعيين فهؤلاء لارادع لهم ،لقد خرجوا عن كل القيم الدينية والأعراف السائدة فهم أهل المكر والخديعة .
الجبهة القومية في عدن :-
لقد تم تنشيط حركة الجبهة القومية بعد فشل المؤتمر الدستوري عام 1964م والذي كان يعمل من اجل مسمى (جمهورية الجنوب العربي المتحدة ) وفعلاً بدأت الجبهة القومية وبمساندة حكومة صنعاء وحكومة القاهرة واستمرت عصابات الجبهة القومية ( بمايسمى بالكفاح المسلح ) بزعامة قحطان محمد الشعبي وفيصل عبداللطيف وعلي عنتر الضالعي الذي شغل منصب القائد العام لقوات الجبهة القومية وقد اخذ دورة تدريبية لمدة ثلاثة أسابيع في الشؤون الحربية في موسكووفي التحضير للأعمال التخريبية في عدن بما في ذلك الاغتيالات السياسية والإرهابية ومن ثم يليها تدمير المنشآت والمرافق العامة في العاصمة العدنية ونشر موجة الذعر والخوف والقلق وعدم الاستقرار،وقد أُوكلت الجبهة القومية هذا العمل للشيوعي عبد الفتاح إسماعيل، وكانت أول ضربة ضد الوكيل القائد فضل محمد خليل من أبناء عدن وهو نائب مدير المباحث العدنية وقد اغتاله عبد الفتاح إسماعيل بنفسه في وضح النهار وفي قلب الحي التجاري في عدن واستمرت الاغتيالات واستهدف ضباط المباحث والاستخبارات العسكرية العدنية لإشاعة الذعر في ذلك الجهاز الحيوي لأمن الدولة ، فهذا الرجل الدموي الذي فرض هيمنته على كل أعضاء الجبهة القومية بالأعمال الإجرامية واستولى على قيادتها وغير مسارها بالقوة المفرطة لأنه لايعرف حدود الله متكبر أشبه بفرعون وهتلر وشارون.
حضرموت ومعاناتها من نكث وتذبذب السياسة لحزب العمال البريطاني :-
ففي ذلك الوقت كانت تخشى بريطانيا من حضرموت دينياً وسياسياً وعسكرياً وفي هذاكانت حضرموت تتميزعن بقية المناطق في شبه الجزيرة العربية ،ومن هنا أتضح تذبذب السياسة البريطانية حول حضرموت وكانت تريد إدخالها أولا في “اتحاد جنوب شبة الجزيرة العربية (الخليج العربي)” مع مسقط وعمان وكانت تعد العدة لذلك ، ولكن تغيرت سياستها وتعمدت في إبعاد حضرموت واحتفظت بها حاجزاً بين حكومة اتحاد الجنوب العربي والخليج العربي ،وفي الأخير بعد أن أعطت الوعد في استقلال حضرموت،نكثت بالوعد المقرر في 9/1 / 1968م ثم تجاهلت مايدور في حضرموت لعنصريتها العقائدية والدينية وفهمها لسياسة الجبهة القومية فقد غضت النظرفي ضم حضرموت قسراً إلى مايسمى (جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية ) هكذا تتعامل الأحزاب السياسية الممنهجة بما يسمى بالفكر التقدمي ” الليبرالي ” الاشتراكي “الشيوعي ” الماركسي ” فقد تأذت الدول النامية من هذه الأنظمة الخارجة عن كل القيم والأعراف المتبعة بفطرة الحياة الإنسانية .
حضرموت والمهرة وارض الواحدي ونظرة عصبة القوى الحضرمية:-
إن عصبة القوى الحضرمية وجدت نفسها اليوم ملزمة بأخذ زمام المبادرة بعد إعلانها دون تلكأ أو تنصل و أنْ تقف جنباً إلى جنب مع الأخرين أياً كانوا مادام إنّهم يعتزون بالهوية الحضرمية و يُقرّون بأحقيتها بالإستعادة و الإستقلال. غير أنها تهيب بالجميع أنْ لا يقعوا ضحية لمساعي المتربصين و المأملين على تشتيت الوعي الحضرمي الذي أكتمل و اتحد و اصبح رقماً غير قابل للقسمة , و لذلك فان عصبة القوى الحضرمية لم و لن تدعي أنها الممثل الشرعي لشعب حضرموت أو انها الحامل السياسي الوحيد للقضية الحضرمية , بل و انه لا يمكن لاحد ان يدعي ذلك مهما علا صوته و ارتفع شأنه و كبر حجمه. و ان عصبة القوى الحضرمية حينما طرحت مشروعها تأمل بالتفاف و اصطفاف كامل لمكونات المجتع الحضرمي تحت لواء (حضرموت اولا) مؤكدين في الوقت نفسه أننا نسعى للتكامل مع المجتمع الحضرمي بكافة مكوناته و تكتلاته بل و رافعين لاءات ثلاثة (لا للإستعلاء و لا للإستعداء و لا للإستغناء).
إنّ عصبة القوى الحضرمية تسعى إلى تكوين وعي مجتمعي و سياسي و ثقافي و فكري ليكون النواة في مدافعة و مواجهة أي تسوية سياسية يراد من ورائها أنْ تكون حضرموت و تحت أي تسوية سياسية تابعة او تحت الوصاية أو يراد إعادة حضرموت لمشاريع الضم و الإلحاق, إنّ مشروع حق تقرير المصير الذي طرحته عصبة القوى الحضرمية و تبنته هو الضمانة الوحيدة بعد الله عز و جل و الحصن الحصين لتجاوز أزمات الماضي و عدم تكرارها و هو الملاذ الأخير لكل أطياف العمل النضالي الحضرمي في حال نقض الرفاق و الحلفاء و الشركاء لعهودهم ووعودهم , خصوصاً في هذه اللحظة و التي لا يمكن لأبناء حضرموت ان يثقوا بجميع تلك المشاريع في ظل وجود أقطاب الحكم الإستبدادي الفاسد على سدة الحكم و وجود زعماء نظام الإجرام و الخطيئة على هرم القضية الجنوبية , و جميع اؤلئك الذي تسببوا في ما يعانيه اليوم أبناء حضرموت و الجنوب, و من بديهي القول أنّ مَن كان جزء من المشكلة لا يمكن أنْ يكون جزءاً مِن الحل.
سوف نظل فيما نحن في حاجته والمراد تحقيقه في صلب القضية الحضرمية ،فيجب علينا الاستمرار في التحدي والالتزام بتنفيذ الضوابط على الشكل المطلوب ولو على نطاق ضيق للوصول إلى النهاية المطلوبة والمشرّفة، وان لم نكن حاضرين عليها بل نجعلها قاعدة صلبة تتوارثها الأجيال من بعدنا
أحمد علي باهبري