ودعنا اليوم هامة عظيمة من الهامات الوطنية التاريخية التي شاركت مع كوكبة من هامات الجنوب في التأسيس لانطلاقة أول مدرسة للحركة الوطنية التحررية الجنوبية عام 1951 بإعلان حزب رابطة الجنوب العربي .
ودعنا اليوم الفقيد الكبير رشيد علي الحريري أول أمين عام لحزب رابطة الجنوب العربي الذي انتقل إلى جوار ربه مساء أمس الأحد عن عمر ناهز التسعين عاما حيث ووري جثمانه الثرى في مقبرة القطيع بالعاصمة عدن ظهر اليوم الاثنين ..
رحل هذا الرجل العملاق الذي يعد واحدا من كوكبة الرواد التاريخيين العمالقة الذين سبقوا عصرهم عندما أسسوا لأول مدرسة للحركة الوطنية الجنوبية مطلع خمسينيات القرن الميلادي الآفل .. مدرسة حملت لواء النضال ضد الاستعمار البريطاني لتحقيق خلاص شعب الجنوب العربي من ربقة ذلك الاحتلال الغاشم وحالة التمزق والتفتت ولتمكين شعبنا من حريته واستقلاله وانجاز وحدته واقامة دولته الوطنية العصرية على أسس الشراكة الوطنية الجنوبية والعدالة والتداول السلمي للسلطة وكفالة الحريات والحقوق وتحقيق النماء والرفاه ..
رحل هذا الرائد الكبير بعد حياة حافلة بأمجاد الثبات والصلابة والصدق والشجاعة على النحو الذي جعله في صدارة الرواد والقيادات الرابطية التي ضربت نماذج رائعة في التمسك بمبادئ هذا الحزب العريق رغم ما توالى تجاهها على مدار الستين عاما الفارطة من حملات بطش وتنكيل وتشريد وتشويه وملاحقة .. إذ ظل حتى وفاته معتزا بهذه المدرسة السياسية الوطنية التي كان له شرف التأسيس لها ضمن كوكبة نيرة من هامات الجنوب العربي .. وظل مؤمنا بأن تلك البذرة التي غرسها ورفاقه الميامين وتعهدوا رعايتها وتنميتها على مدار العقود الماضية ، ستتسامق وارفة معطاءة وسيظل أصلها ثابتا وفرعها في عنان السماء رغم كل ما تكالب عليها من حروب وحملات تصفية واجتثاث .
رحل الفقيد الكبير في لحظة ترسخت فيها قناعة معظم الجنوبيين بأن ما ظل يحمله حزب الرابطة من مشروع وطني ناضج وبناء كان المشروع الأصوب الذي لو قدر تنفيذه غداة استقلال الجنوب العربي عام 1967م لما تناتفت الجنوب المآسي والنكبات والكوارث التي انتهت به إلى ما يكابده اليوم من جور الاحتلال اليمني الغاصب ..
رحل الفقيد رشيد الحريري رحمه الله في وقت يتعاظم فيه زخم ثورة سلمية جنوبية بات في صدارة أهدافها الخلاص من الهوية اليمنية التي جرى فرضها على الجنوب التمسك بالهوية الجنوبية العربية والانتصار لها .. وهي الهوية التأريخية التي أصل لها حزب الرابطة غداة تأسيسه والتي تعرض بسبب تمسكه الايماني بها لكل صنوف الحظر والقمع والتشويه والتحوين .
نم قرير العين أيها الفقيد الكبير بمعية رفاقك الرواد المؤسسين ،فما أسستم له وما حملتموه من مشروع وطني جنوبي قبل أكثر من ستة عقود قد آن أوان ازدهائه وانتصاره ، فقد أصبح المشروع الأنضج والأقوم الذي يحمله الملايين من أبناء الجنوب ممن أضحوا على يقين كامل بأن خلاصهم من كل ما حاق ويحيق بهم لن يتأتى إلا بالانتصار لهذا المشروع الوطني الجنوبي الذي تتحقق من خلاله تطلعات هذا الشعب الأبي في الاستقلال بالجنوب العربي وطنا وهوية واقامة دولته الفيدرالية كاملة السيادة على التراب الوطني الجنوبي كاملا .. رحم الله الفقيد الراحل رشيد علي الحريري وكل الذين سبقوه من الرواد المؤسسين الأوائل للحركة الوطنية الجنوبية وتغمدهم الله بواسع رحمته ورضوانه وأسكنهم فسيح جناته .. وإننا على ما نذروا له حياتهم سائرون للانعتاق بجنوبنا العربي الحبيب من ربقة ما توالى عليه من ضياع ونكبات ولتمكينه من انتزاع حريته واستقلاله بوطنه وهويته التاريخية الأصيلة ودولته الجديدة كاملة السيادة .