عبدالله ناصر المركدة عتيقي: الشهيد البطل سعيد محمد الدويل
قال تعالى :
(( ولاتحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون )) صدق الله العظيم
نعم احياء، احياء ليس عند ربهم وحسب بل هم في صميم قلوبنا ومستقر ضمائرنا كيف لا ؟ وهم من يجسد ببذله وعطائه ارقى واسمى نماذج البطولة واعلى درجات التضحية والفداء
إنه الشهيد البطل سعيد الدويل اخي وصديقي ورفيق دربي الشاب الذي لمع اسمه وشخصه كسرعة البرق في سماء محيطه المجتمعي وفي مجال العمل السياسي والمدني ومواقع البطولة والشرف المحتضنة لكافة اشكال العمل النضالي الوطني الجنوبي.. فلم يكن متحليا فقط بروح المبادئ والقيم الانسانية السامية والنبيلة بل عمل بكل إخلاص وتفان على غرسها في نفوس الشباب المثابر والثائر ضد الظلم والطغيان وضد كافة اشكال الجهل والافكار المتخلفة الضاغطة على فرامل عجلة التقدم الانساني الحر
توطدت علاقتي بالشهيد البطل بإنضمامه الى صفوف حزب رابطة الجنوب العربي الحر ( الرابطة) هو ومجموعة من الدماء الشابة المفعمة بروح الحماس والعطاء وكان رحمة الله عليه نعم الاخ ونعم الزميل.
وعملا بالتوجه الذي خطاه حزب الرابطة في إتاحة الفرصة امام الدماء الشابة لتقوم بدورها وتتحمل مسؤليتها الوطنية من خلال اخذ مكانتها في مختلف الأطر والمراكز القيادية تم إختيار البطل سعيد الدويل رئيسا لفرع حزب الرابطة محافظة شبوة في العام 2011 لما يمتلكه من كاريزما قيادية وخلفية ثقافية وعلاقات متميزة وخبرة عملية كناشط وقيادي في مؤسسات المجتمع المدني ذلك ماشكل رافدا قويا ونقلة نوعية شهدها الفرع ماجعله يحظى باحترام جميع زملائه وايضا محل ثقة وتقدير واهتمام قيادة حزب الرابطة
لقد عرفته مواقع البطولة والشرف في شبوة والجنوب عامة مناضلا جسورا في مختلف الاحوال والظروف لم يتوانى او يتردد لحظة في الذود عن الارض والدفاع عن الكرامة وفي مقدمة صفوف المقاومة الجنوبية في شبوة خاض مع زملائه اشرس المعارك امام الغزو الحوثعفاشي الإستيطاني اليمني لارض الجنوب العربي
ففي مناطق السليم والصفراء بيحان شبوة مطلع شهر إبريل 2015 كانت بداية مواجهات المقاومة الجنوبية شبوة مع الغزاة القدامى الجدد لارض الجنوب ودارت اعنف المعارك دفاعا عن الارض التي ارتوت بدماء الشهداء الابطال والجرحى وعلى خط تماس المواجهات بالصفراء تعرضت الخطوط الامامية للمقاومة لقصف طيران التحالف عن طريق الخطأ ودمرت بعض آليات المقاومة وتعرضت سيارة الشهيد الدويل لبعض الشظاياء الصاروخية واصيب ثلاثة من رفاقه الشباب ممن كانوا حوله حيث كان رحمة الله عليه على رأس كتيبة شباب لجان الدفاع الشعبي التي عمل على تاسيسها اواخر عام 2014 وهي تضم مجاميع من خيرة شباب شبوة ومن مختلف المناطق شاركوا في جبهات شبوة تحت قيادة قائد المقاومة عبدالعزيز الجفري فهولاء الشباب الابطال سقط من بين صفوفهم الشهداء والجرحى فهم الصفوة جمعتهم قضية الهوية والإنتماء لشبوة والوطن الجنوبي وكان البطل سعيد الدويل على رأسهم والساعد الايمن للقائد الجفري في جبهات القتال حتى نال شرف الشهادة بإنتقال روحه الطاهرة العظيمة الى بارئها يوم السبت الثالث والعشرين من مايو 2015 في معركة صدر باراس الصعيد شبوة.. نالها مقبل غير مدبر نالها رافعا رأسه شامخا كشموخ جبال صدر باراس الابية .. فلقد كنت شخصيا ممن رافقوه صباح يوم إستشهاده فكما دأب على الإيثار والتضحية خلال مسيرة حياته رأيته قد اقدم بخطى ثابتة نحو الموت دون خوف او تردد وذلك بدخوله وادي صدر باراس بعد سيطرة قوات العدو على المواقع المطلة عليه ورغم ذلك لم يتراجع الشهيد البطل بل اصر على التوغل والدخول من اجل إنقاذ حياة زملائه وفي سبيل الدفاع عن الارض وعن العزة والكرامة ومستقبل اجيالنا القادمة
رحل الدويل عنا مبكرا بعد حياة عطاء حياة قصيرة بقياسها الزمني ألا إنها حفلت باعمال وانجازات على كافة الاصعدة والمستويات ماجعل رحيله المبكر وخبر أستشهاده يقع على مسامع اقاربه وكل من تعاملوا معه او عرفوه كالصاعقة المدوية التي تهز الكيان والبنيان وانا شخصيا من فارقته بساعة زمن قبيل إستشهاده من شدة وهول الصدمة لم استطع ان استوعب ماحدث وان زمن سعيد الدويل حقا قد انتهى!!! وهو بالتاكيد لم ينتهي طالما وبصماته لاتزال بل ستبقى محفورة في ذاكرة الاجيال والتاريخ كما وان النهج الذي سار عليه شهيدنا البطل وناضل في سبيله يمضي قدما قدما .
عبدالعزيز بن عبدالرحمن الجفري : شهيدٌ لا تفيه الكلمات
في البداية ترددت كثيرا قبل كتابة هذه الأسطر .. ليس لشيء إنما لشعور مفرط مني وتفكير مقتصر على ذاتي يشبه الهروب من.استحقاق وجدت الكلمات لا تفيه حقه كما احس به وموجودا في نفسي ، فقد كنت اشعر انني غير قادر ان اكتب عنه من فرط حبي ومصابي فيه واشواقي لأخٍ لا تملؤها الكلمات .. لقد كان غيابه فاجعة لي اكثر من اي شخص آخر كان الكتف والسند .. كلما ذكرته وتذكّرته لا اتمالك نفسي فتفيض عيوني بالدموع واعجز عن الاستمرار في الكتابة
كنت اعلم ان زملاﺀ للشهيد في مؤسسة الشباب الديمقراطي التي كان الشهيد رئيسا يعدون كتابا وفاﺀ لذكراه وعندما تواصل معي العم القدير صالح الدويل بان مشروع الكتاب لم تبقَ الا طباعته كتبت ما استطعته وهو قليل لا يعطيه حقه لكنه جزﺀ يسير من واجب تجاه صديق واخٍ لن انساه ماحييت وتجاه محبي الشهيد فكتبت ما استطيع احقاقا لحقه علينا وعرفانا لرجل ترك مكانا شاغرا في نفوسنا
الواجب ليس لسعيد رحمه الله وتقبله شهيدا فسعيد قدم على رب كريم سيفيه حقه ، بل لنا جميعا محبي هذا البطل الذي فارقنا ونحن في أشد الحاجة إليه..
طوال فترات النضال السلمي برز قياديا شابا مناضلا وباذلا من وقته وجهده وماله جل ما يستطيع بدون منّه ولا تعالي..
عرفته والابتسامة جميلة مرسومة على محياه طوال الوقت وفي أصعب والظروف والأوقات.
ودقّت طبول الحرب فبرز هذا البطل وكان الملاذ والداعم والمضيف وحلّال المشاكل واستوعب الجميع في قلبه قبل أن يتسع لنا منزله..
نعم منزلهم كان المؤخرة لقوات المقاومة والمستودع وموقع الراحة والاكل والشراب.. كنا نجتمع فيه بالمئات ويستقبلنا جميعا بابتسامه معهودة منه.. وكنت استغرب خصال سعيد النادرة إلى أن تعرفت عن قرب ببقية أفراد أسرته فزالت الغرابة وتلاشى العجب.. عندما تعرفت على والده العم محمد علي الدويل وإخوانه واعمامه وأبناء عمه وأبناء عماته واخواله حفظهم الله جميعا.. كان الجميع يعمل كخلية نحل بكل جهد وإخلاص بدون شكوى ولا تعب ولا حتى تملل بالرغم من التعب الذي كانوا يتعرضون له جميعا والخسارة حيث كان هذا البيت مضافا وملتقى للجميع وبشكل يومي لم أرى مثلهم ابدا وحينها أدركت أن مثل هذا البطل هو نتيجة بيئة متكاملة الأبعاد من المثل والخلق العالي المتكامل..
استشهد هذا البطل العظيم وهو يؤدي موقف شمل التضحية والشجاعة والبطولة والإيثار كلها وأكثر من هذه الصفات تجلت في هذا الموقف.. حيث علم أن العدو قد أسقط المواقع المحاذية لنا والتف حولنا فجازف وانطلق ومعه نفر قليل ليحذرنا ولكنه وقع وسط العدو واخترق صفوفهم رافضا الاستسلام وقاتلهم وأوقع فيهم حتى استشهد بطلنا مقبلا غير مدبر..
وقع الأمر كان مصيبة على جميع الأبطال الذين عرفوا شهيدنا البطل وكلهم أحبوه وعند الجنازة لم أرى طوال الأعوام الماضية بكاء شباب أبطال على قبر رفيق كما رأيت على قبر الشهيد سعيد..
بكيناه ولا زلنا نبكيه ولا يمكن أن ننساه و لم يعد لدينا سوا الدعاء له باستمرار وايضا الوفاء لوالده وإخوانه وسوف تبقى ذكراه في قلوبنا ما حيينا.
رحمك الله ياسعيد وتقبلك عنده من الشهداء وحشرك بصحبة احب خلقه ومصطفاه سيدنا وحبيبنا محمدصلى الله عليه وعلى آله وصحبه
وجمعنا بك في جنات الخلد.
ناصر عبدالله سيود:
رحمة الله على الشهيد البطل سعيد محمد الدويل فهو الشاب الانسان الناشط القائد المناضل الشهيد البطل في سبيل عقيدته وارضه وعزة وكرامة وحرية الجنوب الارض والانسان اول لقاء جمعني بالشهيد في مخيم الحرية والكرامة بعتق عاصمة شبوة وكانت بداية معرفتي وعلاقتي به كان شابا بكل الصفات الحميدة لفت انظار من حوله بمكارم اخلاقه وبقدراته العظيمة واعماله كناشط مدني وكمناضل في سبيل حرية شعب الجنوب واستقلاله كما كان ودودا لرفاق دربه وزملائه واصحابه فلوتعرض احدهم للاعتقال او اي مكروه نراه يبادر بدعوة الجميع للتحرك والوقوف الى جانبه.. عرفناه بالابتسامة العريضة التي لاتفارق وجهه لايعرف اليأس والاحباط او الفشل الطريق الى قلبه الكبير فقد كان شابا طموحا واثقا بالمستقبل وبعدالة قضية الجنوب وبالمسيرة الثورية الجنوبية.. فلقد استفدت منه كما استفاد الكثير ممن حوله من علاقاته الهامة والمتنوعة والمتميزة بشخصيات كبيرة لها وزنها وثقلها وبشباب نشطاء من مختلف محافظات الجنوب
جمعني بالشهيد البطل العمل الحزبي السياسي في فرع حزب رابطة الجنوب العربي الحر (الرابطة) شبوة فقد تم اختياره رئيسا لفرع حزب الرابطة شبوة حيث كان مثالا للرجل القيادي والمخلص والمتفاني في عمله واستطاع بنشاطه وخبراته ومهاراته نقل الفرع نقلة نوعية تنظيميا واعلاميا وجماهيريا بعد ان اصبح ديوان مقر الفرع في عهده بمثابة ملتقى دائم لشباب شبوة ومن مختلف اطيافها باذلا جهود كبيرة ومن امواله الخاصة على كثير من الانشطة والاعمال والفعاليات الثورية
لديه ايضا تفكير واهتمام بالمشاريع التجارية وبالذات التي توفر وتساهم في احتياجات البسطاء حيث عمل وبالتنسيق مع جمعية النهضة للتمويل الاصغر وعن مؤسسة الشباب الديمقراطي التي كان يراسها في حضرموت على فتح فرع لجمعية النهضة في شبوة وكلفني مسؤلا ماليا لهذا المشروع الذي استمر وحقق نجاحا والحمد لله ووفر خدمات وتسهيلات لفئة الموظفين والمتقاعدين في تمويل مشاريع صغيرة بالتقسيط
عرفته ميادين الشرف والبطولة وجبهات القتال في شبوة مناضلا شجاعا لايبالي بحياته وفي مقدمة الصفوف في سبيل النصر والحرية والكرامة وعرفه جميع المقاتلين في جبهات بيحان الصفراء ومفرق الصعيد وصدر باراس متحركا وحريصا على توفير كل ماتحتاجه جبهات القتال من غذاء وسلاح وذخيرة وقد كان قائد المقاومة عبدالعزيز الجفري يثق في الشهيد البطل ثقة كاملة ويعتمد عليه في كثير من الامور وخلال فترة غيابه
لقد شكل رحيله خسارة كبيرة وترك فراغا كبيرا في محيطه الاسري والحزبي والحراك الجنوبي ومقاومته الباسلة .. فعندما وصلني خبر استشهاده لم اصدق ودعوت الله سبحانه ان لايكون الخبر صحيحا وان سعيد قد فارق الحياة واسرعت بالاتصال على منزل آل الدويل واجابني ماجد الدويل شقيقه قائلا: سعيد الله يرحمه ولم اكمل حديثي معه انهيت المكالمة والدموع تملا عيوني والحسرة والالم يعصر قلبي الحزين واترحم عليه وادعو له بالمغفرة وان يجعله مع الشهداء والصديقين .