أعلن يوم السبت الماضي عن ولادة التجمع الأكاديمي الجنوبي، وهو كيان يضم قمة هرم النخبة الجنوبية بحكم كونه كيان يحوي في إطاره مختلف التخصصات التي لا غنى لأي مجتمع، ينشد النهوض، بدونها.
لكن ذلك لا يلغي حقيقة أن هناك كيان جنوبي آخر ولد ليضاف إلى المكونات الجنوبية الكثيرة التي تشبه الجزر المتناثرة التي تحمل من عوامل التشرذم أكثر كثيرا مما تحمل من عوامل الوحدة والتماسك.
حتى وان قال قائل أن الحديث عن إمكانية وحدة مكونات أسهل كثيرا من الحديث عن وحدة أفراد فان الوقائع تثبت عكس ذلك، فحين بذل حزب الرابطة جهودا مضنية، ومعه عدد من المكونات، من اجل وحدة جنوبية، نتج عنها التكتل الوطني الجنوبي، يومها وجهت لهذا التكتل السهام من كل حدب وصوب، وكل هذه السهام كانت من أطراف جنوبية، ولا زال هذا التكتل يدفع ثمن وحدته حتى اليوم من خلال التعامل معه كمكون، عند الحديث عن التمثيل في أي عمل سياسي جنوبي في حين انه يتكون من تسعة مكونات مما يحسبون.
لا ننكر أن هناك مساحات راكدة في المجتمع ينبغي التعاطي معها بصورة ما، والطريقة الأنسب للتعامل معها تعتمد على إدماج نخب هذه المساحات البشرية، إن جاز التعبير، في العمل الوطني العام ليتولوا بدورهم تفعيل حركة هذا الجزء من المجتمع، بغض النظر عن رؤاهم للمعالجات فالتنوع في رؤى الناس من السنن المتفق عليها.
ما يحدث لدينا هو العكس تماما، فكثير من نخب العمل الوطني العام ينزوون في المساحات الأصغر هذه ويتحولون إلي شئ اقرب إلى (شيوخ الطرائق) أو (عقال مكونات)، يجمعون على هدف واحد لكنهم لا يلتقون، فيخسرهم العمل الوطني العام ويستأثرون بما تحت أيديهم للمساومة أو التعطيل، فيتراجع العمل الوطني العام لصالح مساحات اصغر من وطن واقل من قضية.
لا يشك احدنا في قيمة تجمع أكاديمي ويستحق مؤسسوه التهنئة على ولادة مكونهم لكن واقع الحال يقتضي الصدق مع النفس إذ لا يوجد كيان جنوبي قادر على الوقوف بمفرده في وجه أي خيارات لا ترضي الشارع، وفي المقابل فان هذا التعدد يفتقد التناغم أن لم تكن الثقة ويعجز عن الإجماع على مشروع موحد، أيا كان، تقف خلفه كل الحركة الوطنية بقوة.
يا هؤلاء.. إذا لم تجدوا طريقة تجمعون من خلالها على مشروع يحظى بإجماعكم فاعلموا أن قافلة الحلول من خارجكم ستسير وانتم في غفلة تؤسسون مكونات.
عـــــــــدن 11/2/2014م