لا أدري مصدر المقولة المصرية الشائعة (موت يا حمار ) ولكني أعلم أنها تقال لمن ينتظر أمرا بعيد المنال , ويقال عندنا ( حمار مات بكراه ) أي بأجرته , وهي تقال لمن يعمل دون أن يوفر من أجره شئ للزمن، وهي حاله جنوبيه عامه تطال حتى رجال الأعمال في الجنوب.
على أن أبدع ما قرأت عن ( الحمير ) هي حكاية الملك الذي أراد أن يعلم حماره القراءة والكتابة فأعلن عن جائزة مغرية لمن أراد أن يقوم بهذه المهمة، فتقدم (جحا) لينال الجائزة ويعلم الحمار القراءة والكتابة ويقبل بالعقاب في حالة فشله ( ونحن نراوح بين الحمار وجحا ) لكنه أشترط على الملك أن يمنحه ثلاثون عاما لأن الحمير صعبه الاستيعاب لهذا يضرب بها المثل في الغباء , ووافق الملك على شرط جحا.
حين سأله الناس جحا لماذا أقدم على هذه المغامرة التي يمكن أن يدفع حياته ثمنا لها قال ( تلك ثلاثون سنة، وفيها سيموت الملك أو سأموت أنا أو سيموت الحمار).
لست أدري لماذا تقفز إلى ذهني هذه الحكاية حين أسمع أخبار عن لجنه معالجه قضايا المبعدين الجنوبيين وقضايا الأراضي المنهوبة في الجنوب , وما يؤكد ذلك هو حصول هذه اللجنة على تمديد مفتوح لعملها بدلا من سنه ليصبح إلى ما لا نهاية ,أي حين تنتهي من مهامها… (موت يا حمار).
قضايا المبعدين والمنهوبات في الجنوب ( متلتلة ) وتصل إلى مئات الآلاف من القضايا ولم نلمس أي حلول أو معالجات رغم مرور أكثر من سنه على تشكيل لجان المعالجات فلم نرى سوى معالجه ( 800 ) حاله تقريبا لم تنجز بعد , وبالقياس على ذلك فأن هذه اللجنة ستنهي أعمالها بعد أكثر من مائة سنه ولكل منكم حق أن يطلق العنان لخياله، كيف يتوقع أن يكون الحال بعد أكثر من مائة سنه، الشئ المؤكد أن اللجان والمجني عليهم لن يكونوا على وجه البسيطة، خصوصا ونحن نرى أهلنا في الضالع وحضرموت وشبوة وعدن ولحج، وقبلهم أبين، يقتلون بدم بارد، من قبل قوى عسكرية تثبت كل يوم أنها غازية ولا تنتمي لهذه الأرض ولا للناس في الجنوب، وتصر على صناعة الانفصال في النفوس.
نربأ بقضاتنا الأجلاء أن يتحولون إلى لجان ( تخدير ) أو ( ضحك على الذقون ) يجري الأعلام عنهم في وسائل الأعلام حسب حاله الشارع الجنوبي.
بعد ثوره الستين الشمالي أعلن عن ( 200 ) مليار ريال لإصلاح ما خرب وتعويض من تضرر من أهل صنعاء , وتم صرف تعويضات لمقاولي هذه الثورة، ولم تستطع الحكومة أن تعوض جنوبيا واحدا.
هذا سؤال نضعه أمام الجنوبيين في السلطة والمشاركين في الحوار من الجنوبيين, أتأملون حقا بأن يثق الناس في الجنوب بما يقال , ثم بعد ذلك , أيملك أحد حق سؤال أبناء الجنوب لماذا يريدون أعاده بناء دولتهم المستقلة؟.