في رسالة إلى السفيرة البريطانية في اليمن .. السيد عبدالرحمن الجفري : عدم توحد القيادات لا يمكن اعتباره سبباً لإلغاء حق شعب في نيل استقلاله

JANE1سعادة السيدة / جين ماريوت
سفيرة المملكة المتحدة في اليمن الموقرة
تحية وتقدير..
لما تحتله بلادكم من مكانة.. وللعلاقة التاريخية لها ببلادنا الجنوب العربي والمنطقة عموماً.. ولما تتحمله المملكة المتحدة من مسئولية عن ما عانته بلادنا خلال ما يقارب الخمسة عقود الماضية.. وما آلت إليه..

ومن منطلق الحرص على علاقات مستقبلية سوية بين دولة الجنوب العربي القادمة، حتماً، وبين بلادكم المملكة المتحدة.. فإننا، في حزب رابطة الجنوب العربي الحر “الرابطة”، وبعد قراءة لحديثكم لـ”جلف نيوز” بتاريخ 21/3/2014م رأينا أن نوضح لسعادتكم القراءة السليمة، من وجهة نظرنا، للقضية الجنوبية العادلة.. ووجهة نظرنا في بعض مما جاء في حديثكم في الصحيفة المذكورة..

أولا: إن القضية الجنوبية ليست قضية سياسية أو حقوقية داخلية في إطار اليمن.. بل قضية شعب تقع أرضه تحت الاحتلال منذ 7/7/1994م بعد فشل وحدة تمت على عجل ودون أسس.. بل انطلاقاً من دعاوي لا أساس لها بأن اليمن كيان واحد وأنكم من فصل الجنوب العربي عنه. ولذلك فإن شعبنا الجنوبي العربي يقوم برفض هذه الوحدة منذ الإحتلال وتصاعدت ثورة حراكه الشعبي السلمي منذ 7/7/2007م حتى وصلت إلى هبة شعبية سلمية في 20/12/2013م ويطالب بتحرير أرضه واستقلالها وتمسكه بهويته الجنوبية العربية وبناء دولته الجنوبية الفيدرالية كامل السيادة على أرض الجنوب العربي.

ثانياً: تحمّل شعبنا، ويتحمّل، كل أصناف القمع والقتل التي تقوم به قوات جيش وأمن الإحتلال اليمني.. وسط صمت دولي فسرته سلطات الإحتلال تشجيعاً دولياً لتتولى قواتها الممارسات القمعية، قتلاً واعتقالاً وانتهاكاً لكل حقوق الإنسان.

ثالثاً: جاء قرار مجلس الأمن رقم ٢١٤٠ (٢٠١٤م).. الذي يستهدف تنفيذ نقل السلطة في صنعاء طبقاً للمبادرة الخليجية التي لم تأتِ لتعالج حقيقة القضية الجنوبية بل لفض الصراع في صنعاء بين مراكز القوى والنفوذ اليمنية، والتي لا وجود لأي جهة جنوبية في هذا الصراع ولا في مراكز القوى والنفوذ هذه. واعتبرت دولة الإحتلال وقواتها أن هذا تصريحاً آخر بالقمع والقتل لشعب الجنوب العربي.

وأوضحنا في مذكرتنا لمجلس الأمن بتاريخ 8/3/2014م رؤيتنا وطالبنا بمبادرة لحل القضية الجنوبية بما يحقق إرادة شعبنا الجنوبي العربي في التحرير والاستقلال وتمسكه بهويته الجنوبية العربية وبناء دولة الجنوب العربي طبقاً لميثاق الأمم المتحدة ومضامين القانون الدولي المعاصر.

رابعاً: اسمحي لنا يا سعادة السفيرة أن نفنّد بعضاً مما جاء في حديثك لـ”جلف نيوز”:
١) أنكم “لم تروا فعلياً أي قيادة جنوبية متماسكة وموحدة…”
 ونتفق مع سعادتكم في هذا.. ونسعى مع غيرنا لتحقيق توحد وتماسك ولو في حدوده الدنيا.. لكن.. من قال أن هذا يمكن اعتباره سبباً لإلغاء حق شعب في نيل استقلاله وبناء دولته؟!!
 وهل كانت القيادات الجنوبية موحدة عند استقلال الجنوب العربي عن بريطانيا عام ١٩٦٧م؟!
 وهل ألغى صراعهم قبيل الاستقلال حق الجنوب العربي في الاستقلال؟!!

٢) جاء في حديثكم أنه إذا استقل الجنوب فإن الجنوبيين سيوجهون السلاح إلى صدور بعضهم!!
 لكن ما الذي يمنع أن يتعاون المجتمع الإقليمي والدولي مع الجنوبيين لتحقيق شيء من التوحد بينهم وفي تقليص احتمالات أي صراعات مستقبلية؟!
 وحتى لو سلمنا باحتمال حدوث شيء من الخلاف بعد الاستقلال أو حتى بعض التجاوزات المسلحة.. فإن احتمال احتوائها قائم بقدر أكبر..
 ومتى كان احتمال حدوث خلاف أو حتى بعض الصدام ما بين قوى في شعب واحد، مانعاً لحصول هذا الشعب على استقلاله؟!.. وهل منع أميركا من الحصول على استقلالها؟! وهل منع الهند؟! وهل احتمال كهذا يلغي حق شعب في حريته وبناء دولته؟!
 ثم هل جاءت الوحدة المفروضة على شعبنا بالأمن والاستقرار سواء للجنوب العربي أو لليمن؟! أم أنه منذ هذه الوحدة المفروضة والنار تشتعل في الجنوب العربي وتزيد اشتعالاً في اليمن؟!
 جاءت هذه الوحدة المفروضة عبر حرب ١٩٩٤م على الجنوب العربي التي انتهت باحتلالهم بعد النهب والسلب والقتل… إلخ.
 جاءت هذه الوحدة المفروضة بالثارات القبلية إلى الجنوب العربي بعد أن انتهت في الثلاثينيات من القرن الماضي في حضرموت على يد السيد / انجرامس والسيد / أبوبكر بن شيخ الكاف، وهو الصلح الذي أسس مشروعه السيد حسين المحضار.. وفي باقي الجنوب العربي انتهت في مطلع الخمسينيات من القرن الماضي.. فشجعتها مراكز النفوذ في دولة الوحدة ومولتها بالسلاح والمال وأحيتها في الجنوب العربي وأضافت إليها ثارات جديدة.
 جاءت الوحدة بمناهج التطرف، التي لا يعرفها الجنوب العربي في تاريخه، وبالجماعات الإرهابية من كل لون ومولتها مركز القوى..
 ستة حروب في صعدة وذيولها تشتعل في أماكن كثيرة.. وستزيد اشتعالاً.
 صراع في صنعاء.. وعاصمة مقسمة بين مراكز النفوذ.. وكل شيء قسمة بينهم.
 أين الاستقرار في أي شيء وفي أي مكان في اليمن أو الجنوب العربي منذ وحدة الفرض والاحتلال؟!
 كل ما حدث من صراعات في الجنوب العربي، قبل الاحتلال بالوحدة، رغم دمويتها وسوئها.. إلا أنها كانت تنتهي في زمن قصير.. وتعود الدولة لمزاولة مهامها. وكان الناس آمنين من بعضهم ويخافون السلطة. أما اليوم، فلا أمان بين الناس وبعضهم، ولا أمان من السلطات.. فعمّ الخوف.
 إن عهد الاحتلال بالوحدة المفروضة لم يكن عهد أمن واستقرار ورخاء وتنمية.. بل عهد خوف وقتل وحالة معيشية متدنية.. وفساد وغياب للدولة والقانون وضياع للحقوق المادية والمعنوية.. ولكن ليست هذه هي القضية.. فهذه فقط بعض آثار ونتائج جانبية للاحتلال بالوحدة.. تم في ظرف دولي متسارع الأحداث دفع أنظمة إلى الهروب تحت مظلة شعار لا أساس له من تاريخ أو واقع أو مصلحة للجنوب العربي وشعبه.

٣) لقد جاء في حديث سعادتكم “لقد وجدت ما أخبرني به الجنوبيون هو فقدانهم للقانون والأمن وفرص العمل والخدمات الأساسية وأعتقد أنهم سيحصلون على هذه الأشياء إذا عملوا مع الشمال على توطيدها وتعزيزها”.. وأن سعادتكم سألتِ أهل عدن “لماذا تريدون الإنفصال؟!”.. فقالوا “إننا نريد وظائف وكهرباء ومياه وأن يعود الميناء للعمل مرة أخرى”.. وأن سعادتكم قلتِ لهم “أنكم لا تحتاجون للانفصال للحصول على هذه الأشياء”!!..
واسمحي لنا، سعادتكم بالتوضيحات التالية:
 أولاً: نعم لا نريد انفصالاً.. بل نريد تحريراً واستقلالاً ونتمسك بهويتنا الجنوبية العربية وبناء دولة جنوبية جديدة كاملة السيادة..
 ثانياً: يا صاحبة السعادة.. تعلمين أن تلك المطالب الحقوقية.. من قانون وعمل وكهرباء ومياه.. مطلب إنساني حتى لغير المواطن أينما هاجر إلى أي دولة في العالم.. فما طرحه عليك هؤلاء الإخوة هو توضيح لك بأن حتى هذه الحقوق الإنسانية التي يجدونها في بلاد الهجرة قد حرمهم الإحتلال منها في بلادهم..
 فهل تطلبين سعادتكم من ابناء عدن الباسلة، مثلاً، أن يكونوا في وطنهم مجرد موظفين في مؤسسات الخدمات كما كانوا قبل الاستقلال عن بريطانيا في 30 نوفمبر 1967م؟!.. نتفق مع سعادتكم أنه عهد استعمار واحتلال بالوحدة المفروضة.. ويفترض أن يكونوا مالكين لبلادهم، الجنوب العربي، وحكاماً وفخورين بكرامتهم وعزتهم وبحرية واستقلال بلادهم وبناء دولتها المستقلة كاملة السيادة.

الختام
١- أن العالم يعلم، وأنتم أكثر دولة علماً، بأن الجنوب العربي لم يكن في تاريخه جزءاً من كيان اسمه اليمن.. وأن أول كيان سياسي باسم اليمن كان عام ١٩2٨م في عهد الإمام يحيى.

٢- أن قرارات الأمم المتحدة التي توالت في الصدور منذ منتصف عام ١٩٦٣م قضت باستقلال الجنوب العربي (عدن ومحمياتها الشرقية والغربية – اتحاد الجنوب العربي وحضرموت والمهرة)، وانتقال السيادة لشعبه.. وأن المملكة المتحدة قد وافقت على هذا.. وحددت ٩ يناير ١٩٦٨م موعداً لذلك.. وجاءت حرب ١٩٦٧م بين العرب واسرائيل لتحدث تغييراً في المعادلات أدت إلى استقلال أخلاكم من التزاماتكم بتقديم مساعدات للجنوب العربي.. ثم إلباسه هوية يمنية ليس له بها صلة سياسية من أي نوع.. وأوصلت الجنوب العربي عام ١٩٩٠م إلى احتلال باسم وحدة لا أساس لها ولا وجود.

٣- إن مثل هذه التصريحات التي جاءت من سعادتكم وتأتي أحياناً من سفراء آخرين لن تزيد الأمر إلا تعقيداً.. فهي تزيد متعصبي الاحتلال بالوحدة من إخواننا في اليمن الشقيق من أهل النفوذ والمصالح القائمة على استباحة الجنوب العربي ونهب ثرواته.. وبالتالي يعتبرون مثل هذه التصريحات تشجيعاً لهم لتصعيد ومضاعفة أساليب القمع والقتل لابناء شعبنا الجنوبي العربي.. وهذا هو الخطر الحقيقي القائم بالفعل على الجنوب العربي وشعبه وليس احتمال بعض الصدامات الداخلية الجنوبية التي فقط قد تستثير شيئاً منها مثل هذه التصريحات بدلاً عن التعاون معنا كجنوبيين لمنع نشوء أي أسباب لها.

٤- أنكم كدول دائمة العضوية بمجلس الأمم.. وباقي دول الإقليم والعالم.. تتحملون مسئولية إنفاذ إرادة شعبنا الجنوبي العربي.. التي أعلن عنها في مناسبات عديدة وقدم في سبيلها قوافل الشهداء والجرحى والمعتقلين وسوف يحافظ على سلمية ثورته لانتزاع حقه في الاستقلال وبناء دولته الجنوبية الجديدة كاملة السيادة ليحقق الأمن والاستقرار والتنمية ويقيم علاقات مع الاقليم والعالم تحافظ على المصالح المشتركة وتسهم في تحقيق الأمن والسلام الدوليين.. وإن شعبنا مصمم على إنفاذ إرادته بالطرق السلمية مهما كلف ذلك ويأمل من المجتمع الدولي، وأنتم من قادته، تمكينه من ذلك طبقاً لميثاق الأمم المتحدة المادة الأولى الفقرة الثانية والقانون الدولي المعاصر.

وما ضاع حق وراءه مطالب.

عبدالرحمن علي بن محمد الجفري
رئيس حزب رابطة الجنوب العربي الحر “الرابطة”

Link

شاهد أيضاً

الكثيري رئيسا مفوضا ويحيى الجفري نائبا له وفضل محمد ناجي قائم بأعمال الأمين العام

بعد مشاورات وتواصل مباشر وغير مباشر وتنفيذ لمشروع حزب الرابطة (السفر إلى المستقبل) أجرى حزب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *