كما هو معروف فأنه في شهر سبتمبر 1940م تأسست الكتيبة الأولى من عدد من طلبة اليمن في الأزهر الشريف في ذلك الحين وكان أهم مؤسسيها رشيد علي حريري..الفقيد محمد علي الجفري.. والشهيد محمد محمود الزبيري.. والفقيد أحمد محمد نعمان. وكان المأمول أن تنشط على مستوى اليمن ككل ضد التخلف في الشمال والاستعمار والتجزئة في الجنوب.
في تلك الفترة وفي عنفوان الإمبراطورية البريطانية، كانت الرابطة هي المؤسسة للحركة الوطنية في الشطر الجنوبي، وأخذت تنادي وتبشر وتنشر الوعي في أوساط الجماهير بضرورة الاستقلال ووحدة السلطنات والإمارات والمشيخات ومستعمرة عدن في كيان سياسي واحد (على طريق الوحدة اليمنية.. عندما تتهيأ الظروف في الشطر الشمالي في ذلك الحين.
وعندما استشعرت بريطانيا خطورة نشاط ودعوة الرابطة، قامت بنفي رئيسها الفقيد محمد علي الجفري، وأمينها العام الفقيد شيخان الحبشي في عام 1956 إلى مصر.. وفي عام 1958م هاجمت القوات البريطانية سلطنة لحج واحتلتها وكانت تهدف القبض على الزعيم الوطني محمد علي الجفري وإخوانه لكنه استطاع أن ينفذ إلى الشمال وأخيه علوي إلى العوالق بينما ألقي القبض على أخيهما عبد الله الذي كان يتولى المعارف والصحة في لحج ونقل ببارجة حربية إلى جزيرة سقطرى ليكون أول منفي سياسي في تاريخ اليمن المعاصر، حيث قضي في منفاه ستة أشهر ثم بعد ذلك تم نفيه إلى شمال الوطن، كذلك تم نفي سلطان لحج الشخصية الوطنية علي عبدا لكريم الذي كان مناصراً لحزب الرابطة، إضافة إلى عدد من قيادات الرابطة, كما قامت القوات البريطانية باستهداف منازل العديد من قيادات الرابطة في منطقة كور العوالق في شبوة.
إن الناظر إلى هذا الدور الريادي لحزب الرابطة وقيادته الوطنية خلال فترة الاستعمار ومقدار التضحيات والبطولات التي قدمها ذلك الجيل العظيم من أبناء الجنوب والشمال ليجعلنا نستغرب ما تعرض له حزب الرابطة من تهميش وإقصاء بعد مرحلة الاستقلال والتحرير بالذات في الجنوب – كما إن الأمر لم يقتصر على ذلك بل – ظلت قيادة الرابطة الرئيسية في المنفى طوال مرحلة الحزب الاشتراكي ما يقرب من 23سنة وتعرض أعضاء الرابطة وأنصارها في الداخل للاضطهاد والسجن والقتل طيلة تلك الفترة.
فما يجري اليوم في طول وعرض الساحة اليمنية نرى أن التاريخ يعيد نفسه ولكن وفقاً لمتغيرات الوضع الحالي في الجنوب والشمال – فحزب الرابطة كان قد وضع تصوراً لحل كل المشاكل اليمنية قبل ثلاث سنوات وتوقع أن تصل الأمور إلى ما هي عليه – فطالب بحل القضية الجنوبية باعتبارها قضية سياسية بامتياز من خلال أقامة اتحاد فدرالي بإقليمين – وحل مشكلة السلطة والحوثيين وغيرها من أزمات الوطن – إلا أن السلطة ضلت تكابر وتعاند طيلة تلك الفترة.
ولكن بمجرد أن تحركت تلك الجموع الغاضبة في عدن وصنعاء ولحج وكل المحافظات في ربوع الوطن خرج ذلكم الحزب ونفض الغبار عنه وأعلن انضمامه للثورة الشبابية المطالبة بإسقاط النظام الأسري – وكما هو معروف من قيادة الحزب وعلى لسان الشيخ محسن بن فريد قال بملئ فمه أن انضمامنا للثورة الشبابية لايعني إننا نقودها – كما أنه رفض أي حوار يدور ألان بين بعض الأحزاب وبقايا نظام صالح حول نقل السلطة وطالب بأن يكون القرار الأول والأخير بيد الشباب .
إن هذه المواقف الشجاعة للحزب تجعلنا لنقف بعض الوقفات التي يجب أن نفهمها وندركها حتى لانقع في نفس الخطأ الذي وقع فيه أبائنا وأجدادنا بالذات في المحافظات الجنوبية وهي :
1 ) أن حزب الرابطة لم يمارس صفة التقلب والتنكر للماضي والهروب منه – فتأريخ هذا الحزب معروف للقاصي والداني – فالناظر إلى مواقف بعض الأحزاب والشخصيات يجدها وخلال السنوات الماضية أنها قد تنكرت لماضيها وانسلخت منه ورمت كل أعمالها الدنيئة تجاه الغير ومارست التضليل على شعبنا من خلال رمي التهم جزافاً على الغير واتهامهم بالخداع وتغرير تلك القوى وذلك ليس إلا حتى تصل لمبتغاها .
2) ما تعرض له الحزب من ممارسات وحشية بحقه وبحق قادته لدليل على صدق العزيمة والنية التي كان يتمتع بها أولئكم الأشخاص بهدف تحقيق ما يصبو إليه الشعب طيلة فترة الاستعمار في الجنوب والملكية في الشمال .
3) ما يقوم به اليوم حزب الرابطة تجاه ثورة الشباب ودعمه وتبنيه لهم ودعوته لحل كل الأزمات وعلى رأسها القضية الجنوبية ليجعلنا نفكر وبكل دقه بأنه لابد لشباب من أن يقفوا إلى جانب الحزب الذي لم يكن أبدا عبئاً على هذا الوطن –
وفي الأخير أقول أنه لو أن حزب الرابطة قد تقلد حكماً في هذا الوطن في جنوب الوطن أو حتى في ظل الوحدة لكان حقق من الانجازات طيلة تلك الفترات التي لم يتحقق فيها شيء لهذا الشعب .