رغم أن كل الوقائع تؤكد بما لا يدع مجالا للشك حقيقة أن عملية سلخ الجنوب عن هويته الأصيلة والحاقه بالهوية اليمنية خلال ستينيات القرن الميلادي الآفل، كانت الخطيئة الكبرى التي ساقت الجنوب وابناءه في مهاوي تلك المتوالية المدمرة من الكوارث والنكبات وصولا إلى تسليمه لقمة سائغة لجحافل قوى الفيد والنهب والبغي اليمنية التي التهمته وباشرت احتلاله عسكريا بحلول السابع من يوليو عام 1994م .. ورغم أن ما توالى على أبناء الجنوب من ممارسات إخضاعية نهبوية تسلطية صارخة طوال السنوات العشرين من الاحتلال اليمني الغاشم، قد رسخت في أعماق السواد الأعظم من الجنوبيين حقيقة أن (يمننة الجنوب) هو أس الكارثة ومنبعها، فإن ما يؤسف له أن بعض سياسيي الجنوب تأخذهم العزة بالإثم فيبدون اصرارا وعنادا غير مبررين يرفضون معه الاعتراف بتلك الحقيقة الساطعة التي أضحت يقينا لدى معظم الجنوبيين، إذ لا يزال بعض هؤلاء السياسيين أسيرين لمنطلقات ذهنياتهم التي أضاعت الجنوب وحولته من وطن ذي هوية تاريخية مستقلة، إلى (فرع) من (أصل) و(جزء) من (كل)، فينبرون بعد كل ما جرى من كوارث وانكسارات ليطالبوا ثوار الجنوب بترحيل الاجابة على سؤال الهوية إلى أجل مسمى أو غير مسمى، بل وليطالبوهم بعدم الحديث في هذه المرحلة عن (الجنوب العربي) بصفته عنوان الهوية والوطن المحتل، زاعمين أن أهداف الثورة السلمية التحررية الجنوبية (التحرير والاستقلال)، لن تتحقق إلا عبر ما يسمونه فك الارتباط واستعادة الدولة (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية).
نعم، إنه لأمر مؤسف أن يصر بعض هؤلاء السياسيين الجنوبيين على تضليل شبابنا الثائرين وجموع شعبنا التواقة للانعتاق من ربقة الاحتلال وانتزاع الاستقلال وبناء الدولة الجنوبية الفيدرالية الجديدة كاملة السيادة، من خلال مزاعم من شأن الأخذ بها العودة بالجنوب وأهله مجددا إلى (باب اليمن)، فالدولة التي يرى هؤلاء أن التحرير والاستقلال لا يتأتيان إلى بـ(استعادتها) والتي كانوا قد ذوبوها رسميا عام 1990م مع الجمهورية العربية اليمنية في (كيان وحدوي) أسموه الجمهورية اليمنية ، هي ( ج.ي.د.ش) التي يقول دستورها أن الجنسية اليمنية واحدة وأن الجنوب شطر من اليمن وأن (الوحدة اليمنية) قدر ومصير، فعن أي تحرير واستقلال يتحدث هؤلاء إذا كانت دولتهم بحكم ذوبانها قد أرست المشروعية السياسية والقانونية لما يسمى بـ(الجمهورية اليمنية)؟، ثم ألا ينسف الحديث عن (الاستعادة) ما نكابده من احتلال عسكري يمني غاصب، خاصة أن تلك الدولة المراد (استعادتها) تحمل في اسمها ودستورها وقوانينها ونظامها ما يكرس أباطيل أن الجنوب جزء من اليمن؟، إذ أن المضي في اعتماد هذه الأباطيل تضعف الأساس القانوني لعدالة قضيتنا الجنوبية بكونها قضية وطن محتل وهوية مستقلة يجري طمسها وشعب ثائر سلميا يروم انتزاع حريته واستقلال وطنه وتمكينه من بناء دولته الوطنية الفيدرالية الجديدة كاملة السيادة، لتتحول –والحال كذلك- إلى قضية مظالم ومطالب حقوقية في إطار قضايا سياسية يمنية داخلية يمكن حلها من خلال مصفوفة إصلاحات سياسية وقانونية محدودة .
إن اللحظة الثورية الجنوبية الراهنة وما تتوهج به من زخم شعبي متعاظم اقتحم بقضيتنا العادلة كل الأسوار والحواجز ليعبر بها إلى مختلف المحافل الإقليمية والدولية، وليضعها في صدارة القضايا محط الاهتمام بصفتها قضية وطن محتل وشعب ثائر سلميا لانتزاع حقوقه المشروعة في التحرر والاستقلال وتجذير هويته الجنوبية العربية، هي بكل تأكيد لحظة حاسمة تستدعي من الجنوبيين التواقين للخلاص من دنس الاحتلال، التعاطي الواعي مع مقتضيات التوصيف العلمي الدقيق لقضية شعبهم، بوصفها قضية وطن تحت الاحتلال وشعب ثائر سلميا يكافح بصدور شبابه العارية في سبيل تحرره وانتزاع استقلاله وترسيخ هويته مقدما في سبيل ذلك أرواح خيرة أحراره وحرائره، والكف عن تداول المفاهيم والمصطلحات التي تقدم هذه القضية على نحو ضار يصورها وكأنها قضية سياسية حقوقية وطنية يمكن معالجتها في الإطار اليمني الداخلي، ومن تلك المفاهيم والمصطلحات ما يحمل انكارا أو تشكيكا في الهوية المستقلة للجنوب العربي، وما يكرس المزاعم الباطلة عن أن الجنوب فرع ملحق باليمن، وأن لا هوية للجنوب غير الهوية اليمنية، إذ أن التصميم على تداول مصطلحات ومفاهيم (جنوب وشمال) و(فك الارتباط) و( استعادة الدولة) و(الانفصال)، يضرب في الصميم أهداف ثورة شعبنا السلمية المباركة المتمثلة في الخلاص من الاحتلال وتحرير الجنوب وانتزاع استقلاله وبناء دولته الجنوبية الفيدرالية الجديدة كاملة السيادة وترسيخ الهوية الجنوبية العربية، ولعل من المهم في لحظتنا الثورية الجنوبية هذه عدم ترحيل الاجابة على سؤال الهوية وفق ما يدعو له بعض السياسيين الجنوبيين، إذ نراها لحظة مهمة تستدعي حسم هذا السؤال المصيري، رغم أن الغالبية العظمى من أبناء الجنوب قد حسموا اجاباتهم وانتصروا لهويتهم الجنوبية العربية الأصيلة التي ترسخ لديهم اليقين بأن ما حاق ويحيق بهم لم يكن إلا نتاجا لسماحهم بالتفريط فيها والحاق وطنهم – أرضا وانسانا – بالهوية اليمنية، وهم – والحال كذلك- لن يسمحوا مرة أخرى بمن يضللهم للتفريط في هويتهم المستقلة حتى لا يجدوا أنفسهم بعد كل الويلات والتضحيات يساقون مجددا إلى هاوية (اليمننة) وتبعاتها الكارثية .
ولله الأمر من قبل ومن بعد ..
استاذي الكريم ؛ أرى اﻹصرار على قضية اننا جنوب عربي ﻻ يمننة فيه .
وبغض النظر عن الدوافع المختلفة لذلك ؛ هل من بحث تاريخي محقق مبني على اصول علمية يحدد الهوية الحقيقة للجنوب من كونه يمنيا او ﻻ.
وقد قرأت من مصادر تاريخية ﻻ عﻻقة لها بصنعا وﻻ حاشد .. ان عدن بوابة اليمن وانها يمنية ؟
لك الشكر
دولة الجنوب العربي هو اسم الدوله التي تم تغيير اسمها الى جمهوريه اليمن الجنوبيه الديمقراطيه من قبل الحزب الاشتراكي نتيجة لايدلوجيته الوحدويه وهي مفهوم عقائدي اهمل فيها قراءة مقومات القوة في شكل وكيان دوله الجنوب العربي واليوم في كل شبر من اراضي الجنوب ترى الظلم والتخلف وقباحة الممارسات الوحدويه والرابطة هي تكاد الحزب الوحيد الدي حمل رؤيه دولة الجنوب العربي ولم نوافق على طرحها في وقتها ولكن الاحداث في خلال 60 عاما اثبث صحة روية الرابطه وانها عقلانيه وواقعيه وتنمويه وهي الامين على مصالح ابناء الجنوب واما الحزب الاشتراكي وبحكم تركيبته من ابناء الدولتين وهو وهب شعب الجنوب قربان وضحيه لايدلوجية الوحدة واليمننه
واشعر بالاسى لانني لم ايقن بهده الحقيقه مبكرا واليمننه برنامج عقيم وغير واقعي وهو برنامج تناحري بين قبائل وكتل بشريه يجمعها حب التدمير والسيطره والنهب والانتفاع وقهر الاخرين اي بمعنى هو مشروع قبلي بدائي