على مدى ربع قرن كانت ثروات ومقدرات الجنوب العربي ولازالت تغطي عجز وفشل حكومات الاحتلال اليمني المتعاقبة الفاسدة ، نعم انه ربع قرن إلا سنة ، تعرض خلالها الجنوب العربي لأبشع طرق واساليب النهب والسلب والفيد والهيمنة والغطرسة والاستخدام المفرط للقوة والآلة العسكرية التي حصدت آلاف الشهداء من ابناء الجنوب ، وخلفت آلاف الجرحى والمعاقين ، ورغم كل ما حصل ويحصل والذي ادى الى تدمير الوحدة في النفوس وبناء جدران من الكراهية لا تكفي ابناء الجنوب مئات السنين لهدمها ، ولعل الواقع على الارض يفصح بجلاء عن ذلك فلم يعد يربط شعب الجنوب بوحدة الاحتلال اليمني إلا نظام يفرض نفسه بالقوة العسكرية المنتشرة بآلياتها العسكرية في مدن وقرى وساحات وميادين الجنوب ، ومع ذلك لازال ما يسمى ( بالإرهاب ) يسرح ويمرح على ارض الجنوب دون ردع يذكر ، إلا من بعض العمليات العسكرية الدرامية التي اصبحت توضع عليها الكثير من علامات الاستفهام من قبل ابناء الجنوب !
لا اشك ان ثروات الجنوب العربي التي تم نهبها من قبل حكومات الاحتلال اليمني الفاسدة خلال سنوات وحدة الاحتلال ، كانت كافية لتقيم نهضة تنموية كبيرة وشاملة في الجنوب العربي ، وتبني جنوباً جديداً ينطلق في البناء والتنمية الى نطاق اوسع في الاقتصاد الحر الذي تتبناه الدولة الحديثة المتطورة ، ويبدو ان ذلك الطريق ما كان يراد للجنوب العربي ان يسلكه ، فذهب الجنوب ضحية سياسات لم يكن له فيها ناقة ولا جمل ، ابقته في دوامة العنف والصراعات تحت حكم شمولي وبهوية يمنية لما يزيد عن ثلاثة عقود ، ليدخل الجنوب بعدها في مرحلة الوحدة وبطريقة متسرعة وارتجالية وغير مدروسة ، وتحت حجة المتغيرات الدولية والاقليمية العاصفة تم تمرير السياسات المرسومة ، ومن ذلك يتضح ان اللاعب السياسي الذي يلعب بخيوط اللعبة ويوجه الاحداث بحيث ما يريد هو نفسه اللاعب ، ولم يتغير هناك شيء في عملية التوجيه والدفع باتجاه الوحدة غير التأكيد على هوية الجنوب اليمنية باسم الوحدة اليمنية ، وذلك هو تماماً ما حدث عند الاستقلال عندما تم ادخال اسم اليمن لأول مرة على الجنوب وكان ما كان ، وعلى ما يبدو ان الهدف من وراء تلك السياسات هو طمس ومسخ هوية الجنوب العربي !
لعل ابناء الجنوب العربي اليوم غير معنيين بثورة اليمن ولا بحكومة الوفاق اليمنية ولا مخرجات حوار موفنبيك ، وكما ان شعب الجنوب لا يمكن ان يقبل بتنفيذ مخرجات حوار موفنبيك على ارض الجنوب العربي ، كذلك لا يمكن لشعب الجنوب ان يقبل بأي قرار او مرسوم وزاري من قبل حكومة وفاق الاحتلال لأنه لا يعترف بها اصلاً بل مفروضة عليه، فكيف يكون الحال اذا كان القرار هو رفع الدعم عن المشتقات النفطية في حين ان مقدرات وثروات الجنوب يتم نهبها من قبل عصابات سلطة الاحتلال الفاسدة على مدى ربع قرن من الزمان .
والسؤال هل آن الاوان لثورة الجنوب التحررية السلمية ان تقودها قيادة موحدة تخاطب الاقليم والعالم وبرؤية واضحة وموحدة وهياكل تنظيمية موحدة تنظم اساليب وآليات الفعل الثوري الجنوبي التحرري؟ ، ام اننا سنظل ننتظر حتى يتم تطبيق كل ما سيصدر من قبل سلطة الاحتلال اليمني على شعب الجنوب العربي ، نأمل ان يكون هناك متسعاً من الوقت يسمح لقيادات المكونات الجنوبية ان تحسم امرها وتدرك ان الفرص لا تأتي دائماً على طبق من ذهب ، ليس امامنا إلا ان نتفاءل ، فعسى ان تحمل لنا الايام بعض الامل .