غمر الحبيبة عدن شعور بالبهجة بقدوم الشيخ صالح بن فريد العولقي، رئيس المؤتمر الجنوبي الجامع، والشيخ محسن بن محمد بن أبوبكر، أمين عام حزب رابطة الجنوب العربي الحر، والسيد عبدالرحمن الجفري، رئيس حزب الرابطة، وآخر القادمين كان الشيخ فضل بن محمد عيدروس العفيفي، وننتظر قدوم قيادات جنوبية أخرى للعمل من الداخل لصالح القضية الجنوبية ورسم مستقبل مشرف للجنوب الذي عانى من التشرذم والتمزق الذي جعله عرضة لطمع الطامعين، وكان ثمن ذلك فادحاً جداً ستظهر آثاره على الأجيال القادمة في الجنوب.
المشكل الذي واجهناه هو أن القوى الدولية على قناعة تامة بعدالة القضية الجنوبية، وتلك القوى أكثر معرفة بتفاصيل قضيتنا وخلفياتها التاريخية، إلا أنها رأت وترى غياب الحامل السياسي ورمزه الكاريزمي، وهي من المسلمات في كل قضايا الشعوب إلا عند العرب عامة والجنوبيين خاصة.
المراقب في الداخل الجنوبي أو الخارج الإقليمي والدولي يرى حشداً هائلاً من كل القطاعات الجنوبية: شبابا ونساء وطلابا وعمالا وعسكريين، وتقف وراء تلك الحشود عدة مكونات لكنها لا تحمل برنامجاً سياسياً تحدد فيه رؤيتها ووسائل تحقيقها والعامل الذي لم يشجعها على تحديد رؤيتها.
إن الجنوبيين لم يقدموا حتى الآن قراءة تاريخية وعلمية عن الجنوب: جغرافيته وتاريخه وتجربته في البناء منذ عام 1839م.
قلنا ولا نزال نقول لإخواننا الجنوبيين: ماذا تريدون تحديداً؟ قالوا: استعادة دولتنا التي اغتصبت في حرب صيف 1994. قلنا: هذا حق مشروع.. هل حددتم في رؤيتكم شكل دولة الجنوب القادمة؟ البعض يقول: أولاً يخرج المحتل للجنوب وبعدها يحلها ألف حلال. قلنا: كونوا على يقين أن 13 يناير أخرى وأخرى وأخرى تترصدكم.
يعجبني في حزب الرابطة أنه يحدد قراءته للواقع ويحدد رؤيته للمستقبل، وكان آخرها ما أفصح عنه الشيخ محسن بن محمد بأن للرابطة مشروعها المتكامل لبناء الدولة الجنوبية الاتحادية الجديدة، كما لدى الرابطة خارطة طريق تقودنا من الآن حتى قيام الدولة الجنوبية.. والمطلوب كما يرى الشيخ محسن بن محمد تقديمها للجنة التحضيرية للمؤتمر الجامع لبلورة رؤية جنوبية موحدة بعد دراسة ما قدمته الرابطة وما تقدمه الفصائل الوطنية الجنوبية الأخرى لاستكمال بقية المشوار في إطار قيادة وطنية جنوبية واحدة.
أسلوب عمل الرابطة سيجنبنا المخاطر التي ستنجم عن عشوائية العمل، وهذا الأسلوب من العمل مرفوض، لأننا نتطلع إلى دولة مؤسسية ترعى حقوق السكان في أرضهم، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال الجنوب الفيدرالي الجديد.. جنوب يضبط إيقاعه أو إيقاع عمله بالشرعية الدستورية، أما “الشرعية الثورية” فينبغي شطبها إلى الأبد من قاموس المجتمع، لأنها سبب بلائنا وبلاء الشعوب التي عملت بنظام الحزب الواحد، وهو نظام استبدادي ديكتاتوري.
هذه الكوكبة من الشخصيات التي توافدت على عدن ستعطي الشيء الكبير، لأنها ستعمل من خلال الاعتراف بالآخر. سيروا على بركة الله، والله ناصركم!.