حيثما يذكر السيد عبدالرحمن بن علي الجفري يذكر معه الشيخ محسن محمد بن فريد، فهما صنوان في قيادة حزب رابطة الجنوب العربي الحر (الرابطة)، وفي رحلة العمل السياسي الطويل، ومايزال الرجلان يعطيان منذ عقود طويلة، ولم يكلا، ولم يملا، ولم يكبُ فرسهما، ولم يخفت صوتهما، رغم كل المؤثرات والمطبات وشوك السياسة.
لقد مرت الرابطة – هذا الحزب العريق – في مسيرتها النضالية منذ التأسيس في خمسينات القرن الماضي بمنعطفات كثيرة، بعضها كانت مؤلمة، وتعرضت قياداتها المتعاقبة لصنوف من القمع والترهيب والسجون والاعتقالات والمضايقات والتشريد، بل وواجهت انتكاسات كثيرة وتآمرات أيضاً من داخلها ومن خارجها، على حد سواء، وصل في بعض الحالات إلى حد التشظي أو التفريخ، حتى أصبحت (الرابطة) تحمل أكثر من اسم وأكثر من قيادة، ويرى بعضهم أنه هو (الشرعي)، ولكن رغم كل ذلك تظل (الرابطة) ذلك المكون السياسي العريق، بغض النظر عن تشظيات المسميات والقيادات.
لا يمكن لقارئ التاريخ أن ينكر دور المناضلين العريقين السيد عبدالرحمن الجفري والشيخ محسن محمد بن فريد، فلم تهرمهما السياسة، ولم تهدهما متاعب النضال الشاق، في داخل الوطن وخارجه، وهما امتداد – ومعهما بقية الإخوة في قيادة حزب رابطة الجنوب العربي الحر – للقادة المؤسسين والجيل الذي تلاهم، والرجلان مايزالان على عهدهما الرابطي الوثيق في تمثل قضية الجنوب وشعب الجنوب العربي، التي تنطلق من أدبياتها التاريخية ووثائقها وفكرها وفلسفتها، التي تحمل رؤى الرابطة، في كيفية حل هذه القضية العادلة والمعقدة، وتحقيق الحرية والاستقلال واستعادة دولة الجنوب.
ولحزب رابطة الجنوب العربي الحر أفكار قريبة إلى الواقعية بهذا الشأن، وكلمة السيد الجفري أمام المعتصمين في ساحة العروض (الحرية) بعدن، التي نشرت تفاصيلها صحيفة «الأيام» تفصح عن هذه الأفكار والتوجهات.
هناك جهود كثيرة تبذل لالتقاء المكونات الجنوبية ووحدتها ينبغي أن تحترم، سواء جهود حزب رابطة الجنوب العربي الحر أو جهود المؤتمر الوطني لشعب الجنوب، وكذا المساعي المخلصة لمجلس الإنقاذ الوطني الجنوبي، إضافة إلى جهود المكونات الجنوبية الأخرى، المطالبة بتقرير المصير والاستقلال.
عودة السيد الجفري والشيخ محسن بن فريد وقيادات جنوبية من مكونات أخرى إلى مدينة عدن عاصمة الجنوب في هذه الظروف الحساسة والمهمة تحمل معانيَ كثيرة، وهي عودة لها أهميتها، بل وكانت ضرورية ومطلوبة، وعلى بقية القيادات الجنوبية في الخارج ـ بمختلف توجهاتها ـ أن تعود هي الأخرى إلى الداخل، وأن يلتقي الجميع لفعل شيء يخدم القضية الجنوبية وشعب الجنوب الصابر والصامد في الساحات والميادين، فلم يعد هناك مجال للكلام ولا الخطب، ولا للبيانات، الآن حان وقت العمل الجاد، وترك خلافات وحساسيات الماضي، وتعزيز الثقة بين جميع الأطراف والمكونات، والابتعاد عن أساليب التشكيك والتخوين، والطعن في الآخرين، فالجنوب الجديد جنوب الجميع، وينبغي أن يطبق هذا الشعار قولاً وعملاً، ما لم فإن الجنوبيين ذاهبون إلى المجهول.. اللهم اشهد.
* الأيام