أثلج صدري حقيقة حديث الشيخ محسن بن فريد العولقي أمين عام حزب “رابطة الجنوب العربي الحر” الذي نشرته صحيفة” السياسة” الكويتية، الذي تجاوز فيه مرحلة التعرض للمؤتمر الجنوبي الجامع كفكرة أو مشروع سياسي يراهن عليه نطاق واسع من أبناء الجنوب، للملمة الصف وتوحيد القيادة الجنوبية، ليؤكد على وضع اللمسات الأخيرة لعقد المؤتمر في العاصمة عدن أواخر ديسمبر الجاري، بمشاركة كل الفصائل التي تؤمن بالتحرير والاستقلال وإقامة الدولة الجنوبية الجديدة.
مبعث ارتياحي البالغ يكمن في أن كلام الشيخ بن فريد، جاء بعد أن أحاط الرجل على ما يبدو بكل ما يدور وما كان يرشح عن التيارات التي تعارض بشدة عقد المؤتمر، وتشكك في نوايا القائمين عليه، وتكيل لهم الاتهامات جزافا.. جهرا وعلانية.. لذلك حاول بانتقائه الدقيق للكلمات والعبارات أن يضع حد لتلك الأصوات التي جبلت على الوقوف موقف الخصومة والعداء لأي تحرك ترى أنه قد يمسها شخصيا ويضر بمصالحها الأنية، ومن بينها قيادات (هرمه) في الحراك الجنوبي، وعندما تسعى لمواجهتها ومجادلتها بالتي هي أحسن، يكون الجواب.. مثلما قال الكاتب مكسيم غوركي: (خلقت لأعترض، جئت إلى هذا العالم كي أحتج)، دون أن تقدم طرح موضوعي، أو مشروع بديل، أو على الأقل تترك الناس تعمل بصمت، بدون إثارة الصخب والضجيج، وتتفرغ هي لحشد طاقاتها المكبوتة لمواجهة المحتل والحد من جرائمه، لا أن تقدم له خدمات مجانية بالاستماتة في الطعن في جسد من يقف معها في خندق واحد!.
كلنا يتذكر جيدا، بأنه عندما بدأت فكرة المؤتمر تتبلور قبل أكثر من عام ونصف، وأخذت تنضج كمشروع سياسي، تعالت أصوات تدعو للتريث وعدم الاستعجال في كتابة أوراقه وتدشين أعماله، والنزول لعقد لقاءات مع مكونات الثورة الجنوبية في الميدان للأخذ بآرائها وملاحظاتها حول المؤتمر، وهم ما تم بالفعل طوال الاشهر الماضية، هذه الأصوات هي نفسها عادت اليوم لتؤكد أن المؤتمر بدأ متعثرا والقائمون عليه ما زالوا يتخبطون في دهاليزه، بحجة أن فترة التحضير لانعقاده كانت طويلة ولم تنتهى حتى الان!.
(لغم) اخر حاول البعض (تفجيره) في طريق قطار التحضير للمؤتمر، تمثل في طلب إلحاق اسمه بالتحرير والاستقلال، ليكون الاسم النهائي الذي اتفقت عليه اللجنة التحضيرية للمؤتمر، (المؤتمر الجنوبي الجامع للتحرير والاستقلال)، لتفوت بذلك الفرصة على المشككين في نواياها وتوجهاتها السياسية.
“نحن نحترم كل قادة الحراك الجنوبي، الذين مازالت لديهم ملاحظات على المؤتمر وأعلنوا أنهم لن يشاركوا فيه، رغم ترحيبهم ومباركتهم لأي خطوة باتجاه توحيد القيادات الجنوبية”، هذا ما قاله الشيخ بن فريد في حديثه، الذي كان صريحا وشفافاً، كما أنه سمى الأشياء بمسمياتها دون مواربة أو تسويف، عندما أكد أنه:” لم يتم التواصل مع الرئيس الأسبق علي ناصر محمد لأنه ما يزال مع فكرة الدولة الاتحادية من أقاليم وعليه فهو في مربع عكس ما نحن ذاهبون إليه وهو التحرير والاستقلال.”. كما اعتبر أن مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الذي انعقد في صنعاء لا تعنيهم في حزب “الرابطة” في شيء؛ كونهم لم يشاركوا في “حوار الموفمبيك”، أما من شارك في الحوار من بعض الجنوبيين كمحمد علي احمد وياسين مكاوي فلا يمثلون سوى فصيل محدود في الساحة الجنوبية، وبالتالي ما يتم بالنسبة لمخرجات حوار صنعاء أو الدستور الجديد لا يعني الجنوبيين في شيء لأننا توصلنا إلى قناعة تامة بعد تجربة مريرة بأن الاستمرار في فدرالية مع الشمال تحت أي صيغة سواء كانت إقليمين أو ستة أقاليم ما هي إلا إهدار للوقت.
من رابع المستحيلات أن تتوقف الحملات المسعورة المعارضة للمؤتمر، بعد كل ما قاله الشيخ بن فريد، فمطلقيها كأنهم يرتدون عباءة علماء الغيب وليعاذ بالله، والبعض منهم يتفنن في التحليل وكأنّه شق عن صدر صاحبه، ولا يدرك أنه يخطئ فقط من يعمل، وهذا ليس عيبا، العيب أن نكرر الوقوع في الخطأ أكثر من مرة، وهي عادة دأب على ممارستها قادة في الحراك الجنوبي للأسف يقفون بشراسة ضد المؤتمر الجامع للتحرير والاستقلال.