يمننة الجنوب بدأت بالاستقواء به وانتهت بالأستقواء عليه

عبدالله أحمد الحوتري
عبدالله أحمد الحوتري

ضم الجنوب العربي الى اليمن كان ولايزال الهاجس الذي يجمع اليمنيين سلطه ومعارضه، ذلك الهاجس الذي جعل المحكوم عليهم بالإعدام من قبل الامام يسعون لضم الجنوب (الذي بفضل الله اشبعهم من جوع وآمنهم من خوف) الى مملكة الامام .. تحت خطاب الاستقواء بالجنوب لأسقاط نظام الحكم اليمني ، وللوصول لضم الجنوب كان هدف يمننة هويته هو المدخل لنشاطهم السياسي ( تجمعات وافراد ) بموافقة ودعم بريطانيا لتحيل صراع الحركة الوطنية الجنوبية معها الى صراع داخلي تزعمه في البداية قادة ثورة48م الهاربين الى عدن بعد فشلهم وبدأ الصراع السياسي بينهم وبين قادة الحركة الوطنية الجنوبية حول الهوية ( يمنيون يسعون لفرض الهوية اليمنية على شعب الجنوب وجنوبيون يتمسكون بهوية الشعب الجنوبي المستقلة ) وصادف هذا الصراع نجاح ثورة يوليو 52م وصعود الفكر القومي الداعي الى الوحدة العربية وشكل الى جانب دعم صنعاء المشروط بتبعية ثورة الجنوب اهم عوامل نجاح يمننة هوية الجنوب الذي تكلل بإعلان اسم دوله الاستقلال في نوفمبر 69م واستمرت مسيرة يمننة الجنوب تحت مظلة الاستقواء به سلما وحربا لأسقاط نظام صنعاء ولكن بعد تسليم الجنوب لصنعاء في مايو عام 90م توحدت مواقف اليمنيين ( رموز نظام صنعاء والمشاركين في حكم الجنوب ) ضد الجنوبيين الذين لم يقبلوا بالانصهار الكامل في النسيج اليمني وظلوا متمسكين بالجنوب كطرف في الوحدة واولهم الرئيس علي سالم البيض المسؤول عن تسليم الجنوب لليمن .. ونذكر من وقائع الاستقواء على الجنوبيين بقيود اليمننة وواحديه الأرض والانسان الآتي: –
1) نتائج انتخابات 93م كانت اول خيبة امل اظهرت زيف ما يدعيه قادة الحركة الوطنية اليمنية (الشركاء في سلطه الجنوب) من تأثير شعبي يمكنهم من اسقاط نظام صنعاء عبر الانتخابات. وجرت مقارنه بين الدعم النقدي من قيادة الاشتراكي لدوائر تعز واب ودوائر الجنوب واين نجح واين فشل وكانت النتيجة خيبة امل.
2) حرب 94م على الجنوب جاءت في ظل سيطرة اليمنيون على قرار المكتب السياسي للحزب الحاكم للجنوب فتكرر خذلانهم للجنوب الذي شاركوا في حكمه.. فمن ناحية مدوا ايديهم للدعم المرسل لهم من الرئيس البيض لإعاقة تقدم قوات الغزو اليمنية لكنهم لم يقرّحوا تعشيرة كما قال الرئيس البيض ومن ناحية اخرى وبعد هزيمة الجنوب كانوا أكثر تشددا لفصل قيادات الاشتراكي المدافعة عن الجنوب … هناك ادله ووثائق تؤكد بأن أكثر اليمنيين الذين شاركوا في حكم الجنوب منذ الاستقلال لم يكونوا يوما (جنوبيو الهوى والهوية)
3) انتخابات1997م قاطعها الشعب الجنوبي وكل الاحزاب جنوبية النشأة قاطعتها ايضا، واقر الحزب الاشتراكي فصل كل من يترشح من أعضاءه، وهنا ظهر الفرز بين قيادات الحزب (جنوبي/ يمني) اليمنيون استنكروا المقاطعة وقالوا نحن نناضل منذ زمن طويل من اجل الديمقراطية فكيف نقاطع الانتخابات !! هذا لا يعقل … رد الجنوبيون ان شعبنا الجنوبي قد فقد حقوقه المكتسبة وأنتم شاركتم في حكمه والأحرى بكم ان تدافعوا عنه بدلا من تشريع مأساته ومناصرة خصمه وكلا ذهب في اتجاهه. دخل اليمنيون قادة الاشتراكي للانتخابات وأعانهم المخلوع وأنصاره على الفوز نكاية بأمين عام الحزب الاشتراكي وقتها (علي صالح عباد مقبل) وبالاشتراكيين الجنوبيين قادة وقواعد، وفي النهاية تم القاء قرار المقاطعة بقرار من المكتب السياسي الذي يسيطر عليه اليمنيون منذ دمج حوشي والجبهة الوطنية في الحزب الاشتراكي حتى اليوم ..
4) الموقف المضاد لدعوة التسامح والتصالح والحراك السلمي الجنوبي
اتفق موقف اليمنيون سلطه ومعارضه بما فيهم الشركاء في حكم الجنوب واعتبروا هذه الدعوات انفصالية وكانت صحيفة الثوري لسان حال الاشتراكي تتصدر الهجوم الإعلامي وتهاجم ايضا مشروع (اعادة اصلاح الوحدة) لعضوي المكتب السياسي للاشتراكي الاخوين مسدوس وباعوم بإسم الاشتراكي .. هكذا اختطف قرار الحزب الاشتراكي اليمني وتم الاتفاق مع نظام صنعاء على التعامل معه كممثل للجنوب واستخدام قرارة السياسي ضد الجنوب وقضيته وبالإمكان الرجوع لأعداد صحيفة الثوري ليتجلى موقف الحزب الاشتراكي (المختطف من قبل اليمنيين) العدائي للقضية الجنوبية.
5) حرب الاحتفاظ بالجنوب مارس 2015م … برغم ظهور الانقسام بين رموز نظام صنعاء وما تبعه من انقسام للمعارضة اليمنية تبع الجناحين تحت تسمية الشرعية والانقلابين الا ان الحرب على الجنوب كان عنوانها (الاحتفاظ بالجنوب) وكانت حرب (جنوبية / يمنية) خاصه جبهات عدن / لحج / ابين وليس كما يسّوق لها، ويشهد على ذلك ان غالبيه القتلى والاسرى من مناطق اليمن الاسفل وان الطرق الى الجنوب مفتوحة بل ومؤمنه لمرور التعزيزات اثناء الحرب .. ان الانتصار في الجنوب وتعثره في المناطق اليمنية رسالة واضحة المعنى لدول التحالف ولمن تبقى من الجنوبيين متمسكاً بالهوية اليمنية التي لم تشفع لهم مع قوى النفوذ اليمنية التي ظلت تتعامل معهم كجنوبيين غير موثوق بهم ، نحن اليوم في جنوب جديد يجّرم فتح ملفات الماضي باعتبارها خيانة وتصبح صناديق الاختراع ضابطه للتداول السلمي للسلطة وقوانين تمنع الحاكم من استخدام الوظيفة والمال وتفرض الدورة الواحدة للرئيس ، اننا امام مرحله جديدة لجنوب جديد يتسع لكل ابناءه ويقبل بالشراكة وبالرأي الآخر .
اما لماذا يرفض شعبنا الهوية اليمنية ؟؟؟ فنبين بعض الأسباب أدناه: –
1) ان الداعين لها تحركهم اطماعهم في الأرض والموقع والثروة وليس حبهم للشعب الجنوبي والوحدة.
2) ظهور الخلاف لمفهوم الوحدة بين الجنوبيين من قادة الدولة الجنوبية واليمنيين من قادة ومعارضة الدولة اليمنية (وحدة دولتين / مجرّد عودة فرع لأصله)
3) انها تجاهلت كل ما افرزه التاريخ الانقسامي لحياة الشعبين الشقيقين.
4) ان الوحدة جاءت كمولود غير طبيعي بفرضها على شعب الجنوب بقرار سياسي قضى بسلب هويته والحاقه بهوية شعب آخر وهو اسوأ انتهاك في سلب ارادة الشعوب
5) ان مظاهر القبول بالوحدة قبل تحقيقها وعند اعلانها ليس حبا فيها، بل هروبا من النظام السياسي في الجنوب والتطلع للحرية والحياة الأفضل
6) ان الوحدة بعد تحقيقها جاءت وبالا على الشعب الجنوبي وحطمت كل اماله وسلبته حقوقه التي كان يحصل عليها في ظل النظام الذي هرب منه الى الوحدة، تلك الوحدة التي لم يرى منها غير النهب والتدمير وسلب الحقوق وتفشي الارهاب.

لتلك الاسباب وغيرها اجمع الشعب الجنوبي في مليونياته المتتالية ومقاومته للعدوان الاخير ان الهوية اليمنية التي فرضت عليه هي مصدر مأساته القديمة / الجديدة .. فقرر تمسّكه بهويته الجنوبية المسلوبة واقامه دولته الجنوبية العربية المستقلة .. ان التصعيد اليمني لاستمرار فرض الهوية اليمنية على شعبنا الجنوبي لن يعيد الجنوب لليمن، بل يراكم مشاعر الكراهية والعداء واستمرار سيول الدماء بين الشعبين، ويخلق بيئة حاضنه للإرهاب وطاردة للأمن والاستقرار في منطقه جامعه للمصالح الإقليمية والدولية، فاين الحكمة يا ادعياء الأيمان والحكمة.

اتركوا اشعال النيران في كل مكان وانسوا مشروعكم التوسعي الاستيطاني (الركن اليماني شمالا والبحر العربي جنوبا والخليج العربي شرقا والبحر الاحمر غربا) واتركوا التحريض والشحن العدائي لشعبكم تجاه الشعوب المجاورة واقبلوا التعايش بينكم ومع الجوار حتى لا تقطعوا خيط مسبحتكم بأيديكم.

شاهد أيضاً

محمد عبدالله الموس

شهداء، لا بواكي لهم

كانت الواقعة الى الشرق من شقرة في جبل العرقوب، مجرد كلمة مست شرف عدن، حاضرة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *