‏هادي .. جنوبيا

محمد عبدالله الموس
محمد عبدالله الموس

الذاكرة الضحلة تتعب صاحبها وتتعب أصحاب صاحبها، ويمكن أن تكون هذه الذاكرة وصاحبها سببا مباشرا في انتشار أمراض الضغط والسكر، خصوصا في أوساط المهتمين بالشأن العام، وهذه الذاكرة وصاحبها تشكل سببا جوهريا في تشتت اللحمة الجنوبية بعد الانطلاقة الشعبية الجنوبية لمبادرة التصالح والتسامح التي التي شهدت ولادتها جمعية ردفان الخالدة.

كنت ذات يوم، بعد تحرير عدن، حاضرا في لقاء مصادفة، جمع عدد من الأصدقاء اتجاذب أطراف الحديث مع الأخ المهندس أحمد الميسري وزير الزراعة الحالي، كان اللقاء يضم د عدنان الجفري والشيخ أحمد صالح العيسى واخرين، قلت للأخ أحمد الميسري، ضاحكا، سمعت لك تصريحين في القنوات الفضائية تحققا وانتظر التصريح الثالث، فسالني عنهما، قلت له، الاولى عندما قلت، (يجب على السقاف أن يسلم الأمن المركزي ويغادر أو سنخرجه (سحب))..حينها لم تكن لدى الجنوب وحدات قتالية منظمة ومع ذلك خرج السقاف تهريب.. أما الثانية فكانت عندما قلت على قناة الجزيرة (لا توجد حلول مع الحوثي فأما أن نقتلعه أو يقتلعنا).. ولا زلت أرى ابتسامة محمد البخيتي الساخرة، الذي كان يشترك في الحوار المتلفز من الطرف الآخر من صنعاء، لم يكن التحالف العربي قد تدخل آنذاك، لكن الحوثي ومليشيات صالح الشخصية طردوا من الجنوب، فسالني ضاحكا: وما هو التصريح الثالث الذي تتمناه؟ فقلت له.. أريد تصريحا أن دولة الجنوب العربي قادمة.. فقال لي.. أؤكد لك ان دولة الجنوب قادمة.

قصدت بهذا الشاهد، وهو واحد من شواهد كثيرة، الرجوع، قليلا، إلى الأمس القريب عندما كانت العربية اليمنية (الشمال) تركن إلى فقدان قوتنا العسكرية وإلى اتساع قدرتهم ونفوذهم وسيطرتهم المطلقة، فهم يرون الجنوب العربي أرض بواح ودماء مهدرة، كالذئاب يقتلونها وبطونها خاوية، كما قال شاعر شعبي، كان القتل سابقا يجري بشعار أننا دار كفر وهاهم اليوم يسوقون أننا (طواعش) رغم العمليات الانتحارية التي طالت الكثير من المواقع والأفراد في الجنوب العربي كما طالت الشهيد جعفر محمد سعد محافظ عدن السابق و اللواء عيدروس الزبيدي محافظ عدن الحالي واللواء شلال شائع مدير أمن عدن، كما طالت مقر البنك المركزي ومقر الحكومة في فندق القصر ومقر قيادة التحالف ووصلت إلى رجال الإغاثة في الهلال الأحمر الاماراتي وافراد عسكريين ومواطنين عزل.. اهؤلاء دواعشنا أو دواعشهم؟.

لا ينكر دور الرئيس هادي في إعادة ضبط توازن القوة إلا جاحد أو صاحب ذاكرة ضحلة، فبشرعية هادي حصلنا على دعم التحالف في تحرير الأرض، وواهم من يعتقد أن ذلك كان ممكنا بدون ذلكم الدعم، ومن أصيبت ذاكرة بالعطب فعليه تذكر معركة سيطرت الغزاة على التواهي والقلوعة التي استشهد فيها، شيخ شهداء الجنوب العربي، اللواء علي ناصر هادي، ثم يتذكر معركة تحرير نفس هذه المناطق بعد إعادة الضبط، قد يأخذ البعض على التحالف تعامله مع السلفيين أو حزب الإصلاح (وهي قوى سياسية) دونا عن باقي القوى السياسية المدنية في الجنوب العربي وفي مقدمتها قوى الحراك الجنوبي، إلا أن الرئيس هادي تعامل مع قوى الحراك بشكل إيجابي ومكنها من إدارة شؤون الجنوب بشكل كامل، تقريبا.

خلاصة القول أن مراكز القوى في العربية اليمنية تنظر إلى هادي بوصفه جنوبيا لا رئيسا شرعيا وتتعامل معه بروح الانتقام، فهم تارة يتهمونه بتفكيك الجيش في حين أن الجيش في اليمن لا زال مليشيات شخصية، ويتهمونه بدعم الحوثي في حين أن الحوثي حاصر منزله وقتل واعتقل أفرادا من اسرته وليس بعيد أن يتهمونه بدعم الإرهاب رغم أن الإرهاب نفذ عمليات قتل في مسقط رأسه في ابين، والمصيبة أن بعض أبناء الجنوب يرقصون على هذا العزف النشاز.

هم يريدون التخلص من هادي كشرعية يستمد منها التحالف شرعية تطبيع الأوضاع في البلاد، ويريدون فرض اجنداتهم الخاصة من خلال الشرعية التي يقدمها لهم ولد الشيخ، وعلى ذلك فليس أمام التحالف والرئيس هادي إلا التعامل مع موضوع استقلال الجنوب العربي كأولوية تتزامن مع تقاسم السلطة والثروة بين أهل صنعاء كما جرت عادتهم فهم لا يريدون دولة مدنية ولا دولة قانون، عدى ذلك فابشروا بعدم استقرار لا ينتهي..

عدن..
1/11/2016

شاهد أيضاً

محمد عبدالله الموس

شهداء، لا بواكي لهم

كانت الواقعة الى الشرق من شقرة في جبل العرقوب، مجرد كلمة مست شرف عدن، حاضرة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *