‏الإعتذار الذي يسبق الذبح

محمد عبدالله الموس
محمد عبدالله الموس

بغض النظر عن المفردات التي استخدمها في مسقط وأبو ظبي، فأن الوزير كيري، وزير الخارجية الامريكي، تحدث عن ملامح حل سياسي للصراع الذي يشهده اليمن يستند إلى خارطة المبعوث الأممي ولد الشيخ والتي تتحدث عن تقديم الرئيس هادي ككبش فداء ترضية لأطراف صنعاء بقصد قبولهم بشراكة اليمنيين الآخرين من أنصار الشرعية في السلطة والثروة في صنعاء مع بعض جنوبيين (كتحف تزين الديكور)، وحتى وأن جاء مساعد وزير الخارجية الأمريكي والسفير تيلر لتقديم إعتذار لا يحمل أي التزامات، فإنه لا يعدو عن كونه الإعتذار الذي يسبق الذبح.

حين نقول أن الحوثية، كفكرة سياسية لا كعقيدة، هي القوة الصاعدة في العربية اليمنية فان هذا ما نراه بالعين المجردة ويمكن التأمل بهدؤ إلى الخارطة المذهبية هناك وحجم الوجود السني وبالتالي حجم المواجهة وقوتها .. على النقيض من ذلك.. فإن اللاعب الآخر هناك وهو صالح واتباعه لا يستند إلى فكر سياسي وإنما يقود بأسلوب القطيع وهو الأسلوب الذي اعتمده على مدى 33 عاما ومنع نشؤ مجتمع مدني يفكر أفراده بعقول متحررة بمعزل عن رأي الشيخ او النافذ، أيا كان، حتى في المحافظات التي يمكن أن تشكل نواة لمجتمع مدني، كتعز الحالمة واب النائمة، وهما تشكلان نصف سكان العربية اليمنية تقريبا.

ورغم أن الجنوب كله سنيا فأنه لم يكن يحارب بشعار مذهبي، وأن رفع بعض زملاءنا من السلفيين بعض شعارات دينية، فالجنوبيين حملوا السلاح دفاعا عن أرض ووطن وهوية وحسموا معركتهم في زمن قياسي استنادا إلى وحدة الهدف، وكان للتحالف العربي دورا بارزا في التحرير يمثل دينا في رقبة كل جنوبي مهما تباينت بعض الرؤى.

قال أحد المغردين في تويتر من أبناء حاشد (دفع الرئيس ترامب 260 مليون دولار وكسب رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية ودفع التحالف ماقيمته 50 مليون دولار وتحرر بها الجنوب (العربي) فيما دفع لجيش المقدشي ومحسن أثنين مليار دولار ولم يحرروا إلا تبة العصيد) .. وبغض النظر عن دقة الأرقام فأن حجم النفقات التي تكبدتها خزانة التحالف لطرف الشرعية في العربية اليمنية لا يخفى على أحد ويقتنع احدنا بحق السعودية والامارات في التفكير في بدائل أخرى بعد أن عجزت القوات اليمنية عن تحقيق أي اختراق على الأرض على مدى 20 شهر يمكن أن يبرر هذه النفقات الهائلة، وبظني أن حجم هذه الأموال يكفي لتحرير العربية اليمنية بشراءها (كمخططات أراضي) من قبل أنصار الشرعية هناك بدلا من حرب لا نرى في الأفق نهاية لها.

عود على بدء.. فخامة الرئيس هادي.. يبدو أن وعود كيري وخارطة ولد الشيخ، وما قد يطرأ عليها من تعديلات تحقق الأمن للأشقاء في التحالف، وهو أمر نؤيده ونباركه، كما يحصل الأشقاء، أنصار الشرعية في العربية اليمنية، على نصيبهم من سلطة وثروة صنعاء كشريك من طرف الشرعية وهو الهدف الذي كانوا يحاوروا حوله في موفنبيك حين كنت محاصرا في منزلك بصنعاء، وهكذا تنتفي الحاجة إلى شرعيتكم عندما يحقق كل طرف مبتغاه، أو هكذا نظن، وبعض الظن اثم.

وكما كنتم، فخامة الرئيس، مفتاحا للتحول الذي طرأ على خارطة القوى والتحالفات في العربية اليمنية والاقليم فقد كان الجنوب حضنا للتحالف ومفتاح للانتصارات التي حققتها المقاومة الجنوبية بدعم قوي من التحالف العربي وقدم الجنوب العربي اول وأكثر الشهداء طوال الحرب وفي مختلف مواقع المواجهات، وكما كنتم قائدا سياسيا وعسكريا محترفا فإن أبناء الجنوب الذين ولدوا من رحم القهر الوحدوي قد تركوا الساحات وأصبحوا يحملون بنادق.

فخامة الرئيس.. لقد آن الأوان أن يكون للجنوب أولوية في الأجندة القادمة، وندعو كل رموز الجنوب ممن بقي لديهم ذرة من شرف ووطنية أن يلتفوا حولكم ليكفروا عن أخطاءهم التاريخية في حق الجنوب وأبناءه على مدى عقود، فمن الجنوب كان النصر ومنه يتحقق الاستقرار… وليس من المنطق أن يقال لكم، فخامة الرئيس، أو للجنوب الذي قدم قوافل من الشهداء.. ليس من المنطق ولا من المقبول أن يقال لهم (شكرا.. أنتهت مهمتكم).

عدن
18/11/2016

شاهد أيضاً

محمد عبدالله الموس

شهداء، لا بواكي لهم

كانت الواقعة الى الشرق من شقرة في جبل العرقوب، مجرد كلمة مست شرف عدن، حاضرة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *