منذ يوم الثلاثاء 9/4/2017 يلتقي 8 من الناشطين الفرنسيين في ساحة الأبرياء الباريسية، ليس بينهم عربي واحد، وينفذون اضرابا عن الطعام وذلك تضامنا مع 890 من الاسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام منذ 17/4/2017، وتم تعليق لوحة كبيرة على احدى بنايات باريس تحمل صورة الاسير مروان البرغوثي كتب عليها (مروان البرغوثي..مانديلا فلسطين)، وفرنسا الحرية لا تحتاج الى تعريف فهي بلد ام الثورات التي تعلم منها الثوار معنى الثورة وتغزل الشعراء والكتاب بفرنسا كرمز للحرية ومنهم امير الشعراء احمد شوقي حين قال:
دم الثوار تعرفه فرنسا
وتعلم انه نورا وحق
وللحرية الحمراء بابا
بكل يد مضرجة يدق
في قصيدته التي مطلعها:
سلام من صبا بردى ارق
ودمع لا يكفكف يا دمشق.
(وا معتصماه).. صرخة اطلقتها امرأة من عمورية في حدود الدولة الاسلامية مع الروم حين امسك يدها جندي من جيش الروم الغازي، كان ذلك ايام خلافة المعتصم بالله، وبغض النظر عما يقال ان المعتصم سمع صرختها الى عاصمة الدولة في دمشق او ان الخبر وصله من احد عماله، فانه امر بتجهيز الجيش لغزو الروم عندما اشار عليه(العرافون) بانه سيخسر الحرب لان النجوم ليست في صالحه وان الوقت المناسب للغزو هو بعد حصاد العنب، فامر بحبس كل العرافيين، ليس عقابا وانما كي لا يشاع تنجيمهم بين الجند فتنال من معنوياتهم، وهكذا غزى الروم وانتصر لدولته ولامرأة استنجدت به كولي وراع مسؤول عن رعيته، وقد خلد ابو تمام هذه الواقعة الخالدة في قوله:
السيف اصدق انباء من الكتب
في حده الحد بين الجد واللعب
بيض الصفائح لا سود الصحائف في
متونهن جلا الشك والريب
والعلم في شهب الارماح لامعة
بين الخميسين لا في السبعة الشهب.
في مشارف ضياع النخوة في مهرجان الشعر العاشر (كان اخر مهرجان للشعر العربي) حاكى شاعر اليمن الكبير عبدالله البردوني قصيدة ابو تمام بقصيدته (ابو تمام وعروبة اليوم) التي يقول مطلعها:
ما اصدق السيف ان لم ينضه الكذب
واكذب السيف ان لم يصدق الغضب
بيض الصفائح اهدى حين تحملها
ايد اذا غلبت يعلو بها الغلب
الى ان يقول:
تسعون الفا لعمورية اتقدوا
وللمنجم قالوا اننا الشهب
قيل انتظار قطاف الكرم ما انتظروا
نضج العناقيد لكن قبلها التهبوا
واليوم تسعون مليونا وما بلغوا
نضجا وقد عصر الزيتون والعنب.
عود على بدء .. بفعل فاعل، ماتت النخوة عند المواطن العربي، ولم تعد تشتعل الا في مواجهة عربي اخر، لم نعد نهتم بمعاناة بعضنا ولا بالقهر تحت الاحتلال، صارت نشرات اخبار التلفزة العربية تمتلي باخبار الحروب العربية/العربية، لم يعد يخشانا احد، نراوح مكاننا ونجتر صراعات الماضي والعالم يهرول مسرعا الى الامام.
شكرا يا فرنسا لانك علمتي الامم معنى الثورات التي تنهض بالشعوب والاوطان ولا تدمرها، وشكرا لانك تعلمينا ان الحياة تتجدد بالشباب حين قدمتي لنا رئيسا فرنسيا لم يبلغ الاربعون من العمر بعد، يحمل مشروعا انفتاحيا.. شكرا يا باريس لانك ذكرتينا انها كانت للعرب (نخوة).
عدن
11/5/2017