راينا ابتهاج ابناء القدس وهم يحتفلون عندما اُعلن يومنا هذا الخميس 27/7/2017 عن رفع كافة الاحتياطات الامنية الاسرائيلية في الاقصى الشريف وعودة الاوضاع الى ما كانت عليه قبل 14/7/2017 وغني عن القول ان هذا الاجراء كان نتيجة لوقفة المقدسيين في مواجهة الصلف الاسرائيلي حيث رأينا التلاحم المقدسي الاسلامي والمسيحي المرابط خارج بوابات الاقصى في صمود اسطوري في مواجهة عنجهية اسرائيلية وصلت حد ركل احد المصلين بقدم احد الجنود الصهاينة.
رابط المقدسيون على مدى اسبوعين وصلوا خلالها الليل بالنهار وراينا الصلاة خارج المسجد الاقصى وراينا المسيحي يصطف بجانب المسلم في صلاة الجماعة ويصلي كما يملي عليه دينه، راينا شهداء وجرحى يسقطون وراينا شباب وشيوخ ونساء ورجال(مسيحي ومسلم) يعدون وجبات الطعام ويوزعون الفواكه والمياه على المرابطين في حركة دؤوبة تعمل كخلية نحل، لكن هناك مالم نره في المشهد.. لم نرى القيادات التي تنظم هذا الاداء المنضبط ولم نرى من كان يدعم ولم نرى الضغوط السياسية من الدول والاهم من كل ذلك اننا لم نرى العقل السياسي الاسرائيلي وهو يتخيل شبح انتفاضة فلسطينية ثالثة اخذت معالمها تتخلق في البلدة القديمة من القدس، وضعوا تحت جملة (إنتفاضة ثالثة) اكثر من خط.
للشعب الفلسطيني تاريخ مشرف مع فعل (انتفاضة) فقد انطلقت انتفاضته الاولى(انتفاضة اطفال الحجارة) في 1987 نتيجة دهس مستوطن اسرائيلي لعمال فلسطينيين عند معبر في جباليا حيث كانت الانطلاقة التي عمت كل فلسطين، واستمرت حتى توقيع اتفاق اوسلو في 13سبتمبر1993، فيما انطلقت انتفاضته الثانية (انتفاضة الاقصى) في 28سبتمبر 2000 عندما دخل شارون وجنوده الى المسجد الاقصى واستمرت حتى اتفاق الهدنة الذي وقع في شرم الشيخ بين القيادة الفلسطينية واسرائيل في 8فبراير2005 وكان من نتائجها الانسحاب الاسرائيلي من قطاع غزة، وفي الانتفاضتين سقط شهداء وجرحى من اهلنا في فلسطين كما دفع الاحتلال ثمنا باهضا من جنوده بين قتلى وجرحى.. ويقينا ان شبح انتفاضة ثالثة هو ما دفع سلطات الاحتلال الى الرضوخ لشروط المقدسيين.
القدس.. اولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى الرسول صلى الله عليه واله وصحبه وسلم وبلد التعايش والتلاحم الديني الذي نراه اليوم في ابهى صوره، يقدم لنا نموذجا ما احوجنا الى الاقتداء به ونحن نخوض نضال استكمال تحرير الجنوب العربي واقامة دولة القانون..
في القدس لم نلحظ تسابق على التصريحات او الزعامة ولم نلحظ ادعاء القيادة ولم نلحظ تفاخر بالدعم المادي ولم نلحظ شطحات مقززة ومنفره ولم نلحظ تسابق من اي نوع الا التسابق على التضحية من اجل الجميع..
القدس تعلمنا ان الدين لله والوطن للجميع وان الانبياء هم رسل الله الواحد اله لا شريك له.. في القدس نسمع ترنيمة (المجد لله في الاعالي وفي الارض السلام وعلى الناس المسرة) ويلامس شقاف قلوبنا صوت المؤذن (الله اكبر الله اكبر اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمد رسول الله) وكلهم يرجو رحمة الله، لكن التلاحم المقدسي هو ما جعل الاحتلال يرضخ وهو يرى شبح انتفاضة ثالثة في الطريق.. فهل نتعلم؟.
تحية لكل مقدسي ومقدسية وكفى.
عدن
27/7/2017