رسالة 20-5-1985م إلى طرفي الصراع

كانت الرابطة تتابع عن كثب ما يجري في الداخل من صراعات بين الأجنحة وبعد أن اشتدت الخلافات في عام 1984م وصعدت إلى درجة تقترب من الانفجار في مايو عام 1985م أرسلت الرابطة في6-9-1405هـ الموافق 20-5-1985م. رسالتها التاريخية إلى طرفي الصراع كل من الإخوان علي ناصر محمد من جانب وعلي عنتر وصالح مصلح وعلي شايع من جانب آخر تناشدهم فيها بضبط النفس وعدم جر الجنوب إلى قتال قبلي أو مناطقي لا يعلم إلا الله نتائجه وعواقبه. كما ناشدت الطرفين بضرورة الدعوة إلى وحدة وطنيه لجميع القوى الوطنية. وقالت الرسالة بالنص:

“السلام عليكم ورحمه الله وبركاته، وبعد: في هذا الشهر المبارك شهر القرآن العظيم، شهر الرحمة والمحبة يهمنا إن نكتب لكم هذه السطور التي نرجو إن تحظى باهتمامكم، فبلادنا العزيزة وشعبنا الطيب المكافح قد مر بأزمات وويلات وتحمل كل المصاعب والمصائب والتجارب، وكأن إفراده فئران تجارب، فالكل يجري تجاربه عليه، وسال الدماء وأزهقت أرواح وانتهكت الأعراض واستبيحت حرمات وصودرت ممتلكات إلى آخر مثل هذه الرزايا والبلايا، والشعب صامد صابر. ولكن زاد الحمل وقد ينفذ الصبر ونحن في خارج الجنوب نعيش بأرواحنا وقلوبنا في داخل الجنوب في كل مكان، وعلى كل شاطئ وفي كل واد وعلى كل جبل نتابع ما يجري نتألم لألم الوطن والمواطنين، حاربنا الاستعمار سنوات وسنوات وقدمنا أرواحنا وممتلكاتنا، سُجن من سُجن ونُفي من نُفي، وكان كل ذلك أوسمة فخار وعزة، ثم حدث ما حدث، ولا نريد تقليب المواجع، وتم الحكم لكم في الجنوب، وانتهينا إلى هيمنة جديدة أدهى وأمر وأخطر، تقيد العقل والقلب والروح، بل تصادرها، وتسفه أمجاد امتنا وأحلامها وتاريخها وثرواتها، وتستبيح الأرض والعرض، كل ذلك من أجل ماذا ومقابل ماذا؟؟ من أجل نظريات ومذاهب فاشية لا تحتوي على أي مقومات للبقاء بل في ثناياها يكمن فناءها، نظريات يرفضها شعبنا وأمتنا العربية، وتقاومها عقيدتنا الإسلامية، بل ونعتقد إنكم ترفضونها، في قراره أنفسكم. ونتطلع ونأمل في بلورة رفضكم لها في مواقف إيجابية تتمشى مع عروبتكم وعقيدتكم الإسلامية.
ونحن إذ يؤسفنا ويحزننا ما وصلت إليه الأوضاع في بلادنا فإننا أيضا قلقون غاية القلق لما يجري الآن وما تخبئه الأيام من محن وبلاء عظيمين، ونطالبكم في هذا الشهر الكريم، شهر الإسلام، شهر القرآن، شهر الانتصارات الإسلامية في كل العصور وعلى مر الدهور، نطالبكم بأن تحقنوا الدماء البريئة، وان تعيدوا إلى الجنوب وجهه العربي المسلم، وتعيدوا إلى شعبه الابتسامة والفرحة وان تسعوا إلى توحيد القوى الجنوبية الوطنية لا إلى تفريقها وإلى تعاونها لا إلى تناحرها وتفككها، حتى نتمكن جميعاً من إخراج هذه البقعة العزيزة الغالية من جزيرة العرب من المأزق الذي وضعت فيه، وحتى تكون بعيدة عن دوائر النفوذ المختلفة الألوان، وتستفيد من خير الجميع وتتجنب شر الجميع.
وانه قد آن الأوان اليوم للعودة إلى سبيل الرشد وجمع كلمة أبناء الوطن جميعاً في داخله وخارجه للمشاركة في تحمل أعباء المسؤولية لرفعة البلاد وإعلاء شئنها، بإعادة الأمور إلى أوضاعها الطبيعية المشروعة.
إن ما يجري اليوم في الجنوب، من تناحر وتآمر بين الأجنحة المختلفة وما يصلنا من معلومات عن هذا الصراع العقيم ليس إلا نتيجة حتمية لغياب الديمقراطية الحقيقية، والاستئثار بالسلطة، والتكالب عليها وتحكيم الهوى، واللجوء إلى العنف والقمع، وإهمال القطاعات الوطنية الأصيلة.
إننا نطالبكم بضبط النفس حتى لا تسيل دماء، فما فقده الجنوب في السبعة عشر عاماً الماضية ما بين قتيل وجريح ومفقود، ومشرد وفاقد لعقله ولبه يفوق كثيراً عدد أمثالهم منذ دخول الاستعمار البريطاني عام 1839 وحتى الآن.
ويجب إن تتذكروا دائماً إن الجنوب هو لجميع أبنائه، وان العمل الوطني ليس حكراً لأحد، وان المشاركة في تحمل المسؤولية ومواجهة المصاعب واجب على الجميع وحق للجميع، وان من ابناي الجنوب من قدموا تضحيات غالية وأوقدوا نور الوعي في الجنوب، وأشعلوا جذوة الوطنية والحماس في نفوس أبنائه، وأول من قاتلوا المستعمر وأول من هُدمت منازلهم من قبله، وأول من سُجنوا وأول من نُفوا وأول من قدموا الشهداء، وأول من حملوا السلاح ضده وتظاهروا عليه وجاهروا بوجوب إجلاءه، وأول من أغلقت دور صحفهم ومنع رأي أنصارهم، ليسوا طلاباً لسلطة ولا دعاة لاحتكارها وإلا لحصلوا عليها ولكنهم يلبون نداء الواجب وعلى استعداد دائم للتضحية بالكثير من اجل هذا الوطن وعلى استعداد اليوم كما كنا في الماضي أن نضع أنفسنا في خدمة وطننا وان نساهم بكل ما نستطيع من جهد مع كل من يعمل على حقن الدماء البريئة ونتعاون مع كل من يريد الخير لهذا الجنوب المنكوب.
نطالبكم بأن لا تدفعوا الأمور إلى إحياء الفتنة القبيلة والإقليمية فويلات مثل هذه الفتن لا يستطيع أن يتحملها شعبنا فوق كل ما سبق أن تحمله في الماضي القريب. وكلنا أمل في أن تستجيبوا لنداء العقل وان تلقى رسالتنا هذه كل تفهم وإلا تفسر بغير معناها الجلي الواضح. ولكن نداء الواجب دفعنا لكتابتها والله من وراء القصد والسلام.”

شاهد أيضاً

الذكرى الـ68 – حزب رابطة الجنوب العربي الحر (الرابطة)

بسم الله الرحمن الرحيم حزب رابطة الجنوب العربي الحر (الرابطة) الذكرى الـ68 مدخل: تهل علينا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *