النص الكامل للحوار الصحفي الذي أجرته مجلة ”حريتي“ المصرية مع الأستاذ عبدالرحمن الجفري

عبدالرحمن علي بن محمد الجفريأجرت الأستاذة الصحفية ولاء عمران من مجلة “حريتي” المصرية حوارا شاملا وضافيا مع الأستاذ عبد الرحمن علي بن محمد الجفري رئيس حزب رابطة الجنوب العربي الحر “الرابطة” في ما يلي نصه كاملاً :

– السؤال الأول.. ما هي المستجدات حول القضية الجنوبية؟ ما الذي وصلتم إليه؟ وهل كان هناك فعلاً اجتماع سري بمجلس الأمن قريباً أم لا؟
– والسؤال الثاني، لأننا نريد نتكلم باستفاضة.. لماذا فشل الاجتماع الجامع الذي عقدتموه قبل أسبوع، الناس علقت عليه أمل، وهو اجتماع جامع أو حوار جامع من المفترض أن ينعقد في الجنوب منذ أشهر، وتفرقت القبائل كما يُقال، لأن كل طرف كان له طلبات، فلم يتم ذلك الاجتماع بالرغم من أن الناس –الشباب والنشطاء– كانوا يعوّلون عليه بشكل كبير؟
** ج1و2: بسم الله الرحمن الرحيم.. نرحب بالأستاذة/ولاء عمران، ابنتنا،.. وأشكرها على متابعتها للقضية الجنوبية.. بالنسبة لمجلس الأمن لم يعقد اجتماعاً سرياً خاصاً بالقضية الجنوبية، على الإطلاق.. وأحياناً يعقد اجتماعات مغلقة ليستمع لتقارير الأستاذ جمال بنعمر حول مهمته كممثل للأمين العام للأمم المتحدة ومستشاره في اليمن.. فلا توجد اجتماعات سرية، والناس تبالغ../ مقاطعة/

– ما هي الصفة الرسمية للأستاذ جمال بنعمر؟
** هو ممثل للأمين العام للأمم المتحدة ومستشاره.

موضوع المؤتمر الجامع، لم يُعقد اجتماع حتى يفشل.. ثانياً: لم يحدد موعد للاجتماع حتى يفشل/مقاطعة/
– فما الذي كان هناك إذاً؟
** لم أسمع أن هناك فشل لاجتماع.

– ولكن سمعنا عن اجتماع؟
** لعلك تقصدي اللجنة التحضيرية للمؤتمر الجامع.

– نعم.. اللجنة التحضيرية.
** لاتزال اللجنة التحضيرية تزاول مهامها.. وشكّلت منها لجنة سمّوها لجنة التوافق، برئاسة أحد العلماء، الشيخ بن شعيب.. لتعمل على التوافق بين المكونات فيما يختص بأطروحاتهم.. أو في ما يخص بعض المكونات التي هي مترددة في حضور المؤتمر الجامع.. وكان عندهم اجتماع في “عدن”، اجتماع مشترك للجنة التحضيرية واللجنة التوافقية المنبثقة عنها.. طال موعد انعقاد المؤتمر، هذا صحيح، نظراً للتعقيدات الموجودة عندنا.. التعقيدات سواء في إطارنا الجنوبي أو بسبب التدخلات من غيرنا.. نأمل أنهم ينتهوا إلى حل، وإلى إقناع باقي القوى التي لازالت لها تحفظات التي لا بد أن تُؤخذ بعين الاعتبار وتناقش ونصل إلى حل..

– طيب.. دور حزبكم في المؤتمر الجامع، هل سيكون له دور أساسي أم أنكم خارج القصة؟
** نحن جزء من المكونات الموجودة في البلد.. وسنحضر مثل غيرنا من المكونات الرئيسية في الجنوب.. ونساهم مثل غيرنا.

– مساهمة حزبكم ستتلخص في ماذا، عددها 1،2،3؟
** نحن طرحنا رؤية متكاملة.. هذه الرؤية تشمل مسيرة نضال شعبنا من الآن إلى المرحلة الانتقالية لاستلام الدولة، استلام بلادنا، وإلى تأسيس الدولة الجنوبية في بلادنا.. بما في ذلك وسائل النضال، وهياكل النضال، وسياسات دولتنا الداخلية والخارجية، والدستور.. مشروع دستور كامل لبلادنا يُطرح للنقاش المجتمعي بين كل القوى يعدلوا ما شاؤوا فيه، وننتهي إلى دستور كامل يُطرح للاستفتاء الشعبي.. هذا طرحناه منذ سنة.. وهو مشروع متكامل، حتى الآن لم يُطرح مشروع متكامل من الزملاء الآخرين، لكن إن شاء الله يطرحون، فنحن نفرح عندما يطرح آخرون مشاريع، تتلاقح الآراء ونخرج بالرأي الأحسن.

– حضرتك تقول أن حزبكم بدأ من أول نضال الشعب إلى أخره، وتصور للمرحلة الانتقالية، وبعد ذلك الدستور، وبعد ذلك الشكل الجديد لدولة الجنوب الحديثة، في رأي حضرتك الشكل الجديد لدولة الجنوب الحديثة/مقاطعة/
** نحن لم نطرحه من تاريخ النضال القديم، أنما طرحنا من تاريخ النضال الحالي منذ 2007م في “المقدمة”.. ولم نظلم أحداً.. فقد ذكرنا دور كل الزملاء وكل المكونات.. قصدنا جمع الناس مع الزملاء الآخرين.. وطرحنا هيكل للنضال المستقبلي.. وطرحنا رؤيتنا للسياسات الداخلية والخارجية التي على الدولة الجنوبية أن تتبنّاها.. وطرحنا مشروع الدستور للنقاش وهو يظهر شكل، موضوع، الدولة، ما هي الدولة؟.. فلدينا نظام الدولة ونظام الحكم.. واخترنا نظام الدولة المركبة في إطار الجنوب، أكرر في إطار الجنوب، الدولة الفيدرالية في إطار الجنوب، هي الدولة المركبة.. ونظام الحكم، نحن نريد النظام الرئاسي لكن مستعدين نناقش فإذا وجدنا أن النظام البرلماني أصلح فليكن، لن يكون الموضوع إشكالية في إطارنا كجنوبيين، يُطرح للنقاش ونختار الأصلح.

– إذاً النظام البرلماني لا ترونه مشكلة؟
** نحن طرحنا النظام الرئاسي كرأي لنا لأن لنا أسباب في اختيار النظام الرئاسي.. فالنظام الرئاسي هو نظام يفصل بين السلطات (القضائية والتشريعية والتنفيذية) بينما النظام البرلماني يخلط بين السلطات، بين التشريعية والتنفيذية، فالسلطة التشريعية (البرلمان) يأتي منها الحكومة (السلطة التنفيذية).. وبالتالي لا رقابة على الحكومة من البرلمان لأن الأغلبية هي التي تحكم.. ومادام الأغلبية في البرلمان هي التي تحكم، فمن يراقبها؟.. في حين أنه في النظام الرئاسي قد تأتي الحكومة من الأغلبية وقد لا تأتي لأن الرئيس يُنتخب لوحده.. وقد يأتي الرئيس من حزب له أغلبية في البرلمان، وقد يأتي الرئيس من حزب ليس له أغلبية في البرلمان.. وهناك النظام المختلط، وهو صعب بالنسبة لنا، في بلاد مثل بلادنا.. والنظام المختلط مثل الذي كان موجود هنا في مصر في عهد الرئيس حسني مبارك، الرئيس السابق أو الأسبق.. وأيضاً موجود في فرنسا.. وبه تعقيدات تجعل هناك خلط في صلاحيات الرئيس ورئيس الوزراء أو الحكومة.. وفي بلاد كبلادنا العربية يصعب الفصل بين سلطات رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء لأن الناس اعتادت أن الرئيس في يده كل شيء.. من أمثلة النظام البرلماني بريطانيا وأيطاليا، وتركيا إلى حد ما، واسرائيل.. والنظام الرئاسي مثل أمريكا، فقد يأتي الرئيس عنده أغلبية في الكونجرس (مجلس الشيوخ ومجلس النواب) وقد يأتي وعنده أقلية، وبالتالي تسهل المراقبة، السلطة التشريعية تراقب الرئيس أكثر.

– حضرتك قلت أن حزبكم مقدم نموذج محترم لكن على أرض الواقع الناس لا ترى شيئاً، ويتهمون القيادة أنها مع نفسها وهم لوحدهم، لا يرون فعلاً على أرض الواقع.
** نحن قدمناه للناس ولم نقدمه للخارج.

– وإن قدمتوه للناس ولكنهم لا يرون فعلاً.
** لن يأتي الفعل إلا بعد أن نتفق، عليه وعلى غيره.

– ومن هم الذين سيتفقون؟
** المؤتمر الجامع يتكون منّا كلنا، وسيناقش رؤانا ورؤى غيرنا.. ونصل إلى رؤية متوافق عليها.. وهي التي سنسير عليها كلنا.

– بصراحة شديدة، هل تعتقد أن المؤتمر الجامع هذا سيكون له نتائج إيجابية، بمعنى أنكم ستتفقون؟
** يا رب، إن شاء الله.. أولاً: أن يحصل إجماع فهذا مستحيل.. ليس لأننا سيئون.. فهذا لم يحدث هنا في مصر، ولا في أي مكان في العالم، أن يجمع الناس على كل شيء.. رسول الله، سيدنا محمد، أرسله الله، هل أجمعوا عليه قريش، قبيلته؟.. هل أجمع عليه أهله بنو هاشم؟.. من الطبيعي أن هناك من يختلف مع المؤتمر الجامع.. أمر طبيعي.. نعمل أو نحاول أن نتفق لأننا في مرحلة نضال من أجل تحرير بلادنا.. لكن لو حدث أن أحد منّا له رأي آخر، نحترم رأيه، ويستمر الباب مفتوحاً له مستقبلاً.. أما أن يحدث إجماع 100% فقد يكون فيه صعوبة كبيرة، وإن حدث فهذا شيء عظيم.

– كنّا نتكلم حول أنه من المستحيل أن يكون هناك إجماع على شيء.
** ليس عندنا، ليس في الجنوب فقط، بل في كل العالم.. اعطوني في التاريخ كله أنه حصل إجماع على كل شيء.. لم يحدث.. نحن نسعى لهذا، نسعى للتوافق، نسعى لتحقيق أكبر نسبة من التوافق، هذا مهم.. نسعى كلنا بجدية وصدق.. لكن قد ما يحدث، ولا يحدث شيء، تسير الناس, والذي لديه تحفظ ممكن نستمر في حوار معه، نستمر في جعل الباب مفتوح.

– ما هي المعوقات التي واجهتكم كأهم حزب في الجنوب، أول معوق قابلكم من الجهات الأخرى؟
** لم يقابلنا، نحن كرابطة، من الأخوة إعاقة.. الإشكالية أن البعض أثاروا بعض التحفظات على اللجنة التحضيرية وعملها.. نحن نقول أنه إذا كانت هناك تحفظات في الاجراءات، تحاول الناس حلها.. وإن لم يستطيعوا حلها، فليست مشكلة.. فلا نجعل من الإجراءات عقبة أمام شيء مهم!!.. يعني نعطل موضوع استراتيجي وهام من أجل خطاء في الاجراءات أو أنا اعتبره خطاء وقد لا يكون خطاء وقد يكون فعلاً خطاء!!.. فلا تكن تلك الأخطاء عقبة.. إن استطعنا إصلاحها، أو استطاعوا في اللجنة التحضيرية أن يصلحوها، خير فنحن مباركون.. ما تمكنوا من هذا، فلا يكون عامل إعاقة، الإجراء الذي اختلفنا حوله، أو اختلفوا حوله في التحضيرية، لا يكون هو عامل إعاقة لتحقيق شيء أهم.. فالخلاف ليس معنا نحن كرابطة لأننا فقط جزء من التحضيرية والموضوع في إطار اللجنة التحضيرية ولجنة التوافق المنبثقة عن التحضيرية ولا نتدخل.

– هناك كلام يدور أنه قريباً سينفصل الجنوب عن الشمال ولكن سيظل تحت إطار الوحدة لفترة، لمدة خمس سنوات، بمعنى أنكم ستكونون دولة مستقلة ولكن في إطار الوحدة.. ثم بعد الخمس سنوات سيتم عمل استفتاء.. هل هذا الكلام حقيقي أو لا؟ أو كلام مرسل أو هو حل أيضاً؟
** أولاً.. نحن نقول جنوب ويمن.. وليس جنوب وشمال.. فلو كنّا جنوب وشمال فيعني أننا جزء من اليمن، وإذا كنّا جزء من اليمن فليس لنا حق أن نطالب بدولة عندنا.
ثانياً.. هذا الكلام لم أسمع به من أي جهة كانت على الإطلاق، فكيف ننفصل ونستقل ونبقى في إطار الوحدة ؟!!!

– وإذا طُرح هذا الحل؟
** نحن لسنا ضد نقاش حل حقيقي للقضية الجنوبية.. نقاش.. أما قبول هذا الحل من عدمه يعود لما سيحققه من تحرير واستقلال كامل وقيام دولة جنوبية كاملة السيادة.. الطريق الذي يؤدي إلى هذا، بوضوح من البداية، وليس بوهم أو بخيال أو باحتمال، فالقضايا الوطنية لا نخضعها لاحتمالات تتحقق أو لا تتحقق.. إذا كان هناك وضوح أنه سيؤدي إلى دولة جنوبية كاملة السيادة، سنناقشه ونرى مدى إيجابياته وسلبياته ومدى قبول شعبنا له.. نسير فيه إن كان كذلك، إن كان كذلك.. ما لم فأي شيء فيه غموض أو خاضع لاحتمالات، يمكن فلان يعمل لنا، يمكن الرئيس ينزل مع الجنوب، يمكن، هذه “يمكن” تصبح مغامرة، ونحن لا نغامر ولا نقامر.. فهذه قضية بلد.. ممكن نناقش أي شيء يتعلق بحل نهائي للقضية الجنوبية يكون فيه وضوح أنه يحقق تحرير واستقلال وبناء دولة جنوبية كاملة السيادة.

– أود أن أنقل لك الصورة، وقلتها لك سابقاً، الشباب الجنوبي الذين أنشأوا مليون “جروب”، كل الناس لا يعجبها أي شيء ولا تعجبها القيادات، ويقولون أنهم ورطونا وغرقونا، الرئيس فلان يقول لنا انزلوا ونفاجأ بأنه ليس له وجود على الواقع ولا على الساحة، نحن نموت ونُقتل ونعيش أسوأ حياة،/مقاطعة/
** وجرحى بلا علاج.

– بصراحة هذا حقيقي.. فماذا يعمل الناس؟.. لا يعرفون كيف يتصرفون لأنهم بلا قيادة واضحة يسيرون وراءها.. ولا يعرفون أن يسكتوا؟ فهم واقفون على المحك.
** أنا أتفق مع كل ما ذكرتِ.. ومعهم حق مع كل ما قيل.. وأنا قلت من زمان أن العمل الميداني كان دائماً متقدماً على العمل السياسي.. والعمل الميداني يقوم به هؤلاء الشباب، وهم الذين يدفعون الثمن.. والعمل السياسي يُفترض أن يقوم به القيادات.. للأسف أنه القيادات كلٌ يشتغل لوحده.. وبالتالي لم تؤدَ خدمة حقيقية للوطن.. يعني تمت بعض الأمور لكنها ليست حتى في الحد المقبول.. وبالتالي فكل ما يقوله أولادنا الشباب صح 100% ونحن معهم.. لذلك نحن نسعى، وغيرنا يسعى، لأن نلتئم كمكونات وكشخصيات مستقلة من مختلف مناطق الجنوب لنتفق على قيادة موحدة، لنتفق على رؤية موحدة، لنتفق على هياكل نضالية موحدة، تسير المسيرة بحيث نكون كلنا مسؤولون عنها أمام الله والناس.. وبشرط أن هذه القيادة الموحدة أن يكون في إطارها في الصف الأول من مكونات الشباب والمرأة الأغلبية في نظري.. لأننا جميعنا نعمل لأجل المستقبل، والمستقبل ليس حقنا.. المستقبل مستقبلهم.. فلا يجوز لا عقلاً ولا ضميراً أن نرسم نحن مستقبل لغيرنا.. نحن نساهم في صناعته معهم لكن يجب أن يكون بمعايير الشباب، بمعايير ابناء المستقبل.. دون هذا فلن ننجح.
من جهتنا نشارك في الفعاليات النضالية دون تدخل .

– القضية الجنوبية على المستوى الدولي، هل وصلت إلى مستوى معين أو لم تصل؟
** توجد بعض الانفراجات.

– أنا سمعت أن السعودية لربما تتدخل، ربما دول الخليج تتدخل.. وقيل الدول الاوروبية.
** القضية الجنوبية، أولاً، أنا في يقيني حسب الحسابات السياسية وليس المعلومات السياسية، أن دولة الجنوب قادمة رغم الاحباط المؤقت الموجود عند الناس الآن.. لأن هذه الدولة قيامها هو في مصلحة الجميع.. في مصلحة اليمن.. وفي مصلحة الاقليم.. وفي مصلحة العالم.. بقاء الجنوب جزء من اليمن، هو بقاؤه في ظل مشاكل مركبة لن يتم حلها.. من تجاربنا، ونرجو الله أن يلطف باخواننا في اليمن، أن بناء دولة تقوم بواجبات الدولة لا يبدو منظوراً في المستقبل القريب في “صنعاء”.. بينما قيام دولة في الجنوب، رغم الصعوبات، رغم بعض المخاطر المحدودة التي نعتقد أنه بالامكان أن نتغلب عليها، إلا أن بناء دولة في الجنوب ممكن وممكن جداً.. أقصد دولة تقوم بواجبات الدولة.. وقيامها سيساعد كثيراً على استقرار اليمن.. والمنطقة.. هذا أولاً.

ثانياً.. نحن عندما نقول قيام دولة مستقلة في الجنوب، لا يعني أن تكون بمعزل عن الإقليم.. سواء إقليم الجزيرة العربية أو الإقليم العربي كله.. بالعكس.. نحن من البداية نقول: نعم، دولة مستقلة.. لكن واجب هذه الدولة المستقلة أن لا تنعزل عن إقليمها بل أن تقيم أرقى العلاقات وأميزها مع كل المنطقة وفي مقدمتها اليمن الشقيق وباقي دول الجزيرة العربية، إلى درجة أننا ممكن أن نقيم كونفدرالية مع الكل وبالذات اليمن.. والكونفدرالية، لأجل الناس لا تفهم خطاء، فهناك خلط بين الفيدرالية والكونفدرالية.. الفيدرالية عبارة عن دولة واحدة، سيادة واحدة، سلطة مركزية واحدة، تمثيل واحد مع العالم.. بينما الكونفدرالية هي عبارة، كما تسمى في القانون الدولي، “اتفاقية تعاهدية بين دول ذات سيادة”، وهي بين دولتين أو أكثر، وتظل الدول ذات سيادة.. حدوداً ودستوراً وثروات وسيادة وجنسية وأعلاماً، دولة ذات سيادة كاملة لا ينتقص من سيادتها شيء.. كل ما في الأمر أنه في الأمور التي فيها مصالح مشتركة يتم تنسيق العمل فيها والمشاركة في العمل المشترك في تلك القضايا، كالاتحاد الاوروبي.. فهو ليس إلغاءً للدول، تبقى الدول مستقلة ذات سيادة.. وبإمكان أي دولة في أي لحظة من اللحظات لا تود الاستمرار، فإنها تستطيع مغادرة الكونفدرالية بدون أي إجراءات معقدة، فهذا من حقها لأن سيادتها كاملة حدودها كما هي، ثرواتها حقها كامله، كل ما يتعلق بالتمثيل الدبلوماسي –عندها من الغير ولها عند الغير– كما هو مستقل.. تماماً كما هو حاصل في الاتحاد الاوروبي، ولو لاحظنا أن بعض الدول الاوروبية رافضة الدخول في توحيد العملة، وبعضها دخلت في العملة الموحدة، حتى التأشيرات فبعض الدول المشتركة في الاتحاد الاوروبي مشتركة في التأشيرات وبعضها غير مشتركة مثل بريطانيا فلا بد من أخذ تأشيرة خاصة ببريطانيا، ونجد عملة خاصة ببريطانيا.. السيادة لا تمس في الكونفدرالية.

– فماذا لدينا في الدول العربية، فيدرالية أو كونفدرالية؟
** ولا شيء من هذا.. ونحن نادينا بالكونفدرالية على مستوى الجزيرة العربية.. الكونفدرالية هي التي ننادي بها .. الإمارات العربية أقرب إلى الفيدرالية.. أي بقاء الدول مستقلة استقلالاً كاملاً.. وليس بالامكان أن يتم ذلك قبل قيام دولة الجنوب، وهذا مهم جداً جداً جداً لأن الكونفدرالية تقوم بين دول كاملة السيادة.. وبالتالي فهذا لا يتم إلا بعد قيام دولة كاملة السيادة في الجنوب.. وأيضاً يجب أن تخضع لموافقة الشعب.

– حضرتك قلت في حوار سابق أنه النظام تقسيم اليمن، وأنت راهنت أن هذا لن يحصل، ولا اليمن قُسِّم، ولا الجنوب قُسم ولا تم أي شيء؟
** لازالت هي مخرجات الحوار أن الجنوب يتقسم إلى إقليمين في إطار اليمن.. وهذا غير مقبول.. يتقسم أو لا يتقسم.. نحن نقول أن الجنوب لا يبقى في إطار اليمن، لا مقسماً ولا موحداً.

– هذا غير مقبول عندكم لأنكم أساساً لا تعتبرون أنفسكم من اليمن؟
** ولا نقبل أن نكون في إطار اليمن ولم نكن في إطار دولة اليمن في أي مرحلة إلا منذ وحدة مايو 1990م التي تحولت إلى احتلال، لا مقسم ولا موحد.. تقوم دولة الجنوب، ذات السيادة.. ثم نقيم علاقات متميزة مع اخواننا في اليمن.. واخواننا في الجزيرة العربية كلها.. والدول العربية وبالذات مصر.. فـ”مصر” تهمنا جداً.. والعلاقة مع مصر في غاية الأهمية.

– كنت سألتك سابقاً.. لو قيل بتقسيم الجنوب في إطار الوحدة لمدة خمس سنوات ثم يتم استفتاء بالاستمرار أو الاستقلال.
** استفتاء لمن مادام قد تم التقسيم؟

– استفتاء للشعب.
** بعد أن أزيل اسم الجنوب؟!!! بعد أن تم تسمية اقليم شرقي واقليم غربي.. ولا يوجد اسم “الجنوب”!!..
مخرجات الحوار، وهذا كلام دقيق جداً، أخطر على الجنوب من اتفاقية الوحدة عام 1990م.. أخطر على الجنوب من اتفاق مايو 1990م لإعلان الوحدة لأن مخرجات الحوار تنهي شيء اسمه “قضية جنوبية”، وشيء اسمه “جنوب” من الأصل.. تنهيه وتربطه نهائياً بالهوية اليمنية.

– مخرجات الحوار إذا خرجت بالشكل الذي أتكلم عليه، فهذا الذي سينهي دولة الجنوب، أليس كذلك؟
** سينهي الجنوب أصلاً، ليس الدولة فحالياً لا توجد دولة الجنوب بل يوجد احتلال، إنما سينهي قضية الجنوب، إن قبلناه، إن قبلناه.. وينهي شيئا اسمه جنوب نهائياً.. وأي كلام آخر يُقال فهو فقط لتسويق هذه المخرجات، وليس صحيحاً، والمخرجات تقول هذا الكلام.. وحتى المساواة بين الجنوب واليمن في السلطة، هي مؤقتة للفترة الانتقالية فقط، وهي غير مقبولة حتى لو كانت دائمة.. نحن نريد دولة مستقلة للجنوب.

– رأيي الشخصي، أنكم تبحثون عن قيادات أخرى، لأنه أصلاً القيادة الأصلية لا تريد الجنوب.. علي ناصر قال لا أريد الجنوب.. ولا يوجد غيرك بالمناسبة يريد الجنوب، أنت الوحيد الذي أكلمه ويصر إصرار المقاتلين أنه لازم يكون في دولة مستقلة.
** قيادات كثيرة تصر على هذا وشعب الجنوب مصمم على هذا.ونحن نصر على هذا .لأن هذا هو نهج تأسيس الرابطة.. الرابطة تأسست على هذا الأساس، على أنه في التاريخ القديم كله، كان يسمى سكان المنطقة عندنا بـ”عرب الجنوب”، وجنوب الجزيرة العربية.. ومن هنا، جاء “الجنوب العربي” لأن السكان عرب الجنوب، مثل المغرب العربي.. وبالتالي، هذا الذي وحّد الجنوب.. كانت المنطقة مستعمرة وسلطنات وإمارات ومشيخات، وهذا الفكر هو الذي وحد الجنوب.. ثم جاءت ظروف وجاء تغيير الهوية إلى الهوية اليمنية، وغيروا الهوية، هداهم الله.. الآن، كما الرابطة عادت لاسمها الاصلي، بعد أن أُجبرت إجباراً بقوة القانون بعد اعلان الوحدة باسم غير اسمها، فنحن نصر على عودة الهوية. أما قيادات أخرى، فلا يوجد أصلاً في شعبنا شيء اسمه قيادات “أصلية” و”غير أصلية”/مقاطعة/

– هذا الذي أدى إلى انقسام الشعب، البعض مع علي سالم البيض، والبعض مع علي ناصر.
** هذا من حقهم.

– لكن بهذا الشكل فالقضية “تفرقت بين القبائل”، لأنه في الأصل أنتم غير متفقين على شيء واحد.. القيادات غير متفقة على شيء واحد.. مثلاً، علي ناصر قال لي: نحن ممكن ننفصل في إطار الوحدة..
** كيف ننفصل ونبقى في إطار الوحدة؟؟؟؟

– الجنوب يكون له رئيس.. أشبه بالحكم المحلي.. دولة داخل دولة.
** أي أحد له رأي آخر في الجنوب،غير التحرير والاستقلال وبناء دولة جنوبية كاملة السيادة ، فنحن أولاً: نختلف معه في الرأي ونحترمه.. ثانياً: لا يوجد في الجنوب قيادات أصلية وقيادات غير أصلية.. القيادات تتجدد عندنا وعند غيرنا.. ولا يمكن أن نظل قيادات طول عمرنا.. نحن سنكون فاشلين كقيادات إن لم نساهم في الدفع والتأهيل لقيادات جديدة.. ونحن جادون في هذا وليس كلاماً للبيع.. كم سنعيش، أنا الآن تجاوزت السبعين، ولا أخبيء عمري، وأصغر واحد من هذه القيادات المعروفة كلها.. كم سنعيش؟.. كم سنة سيكون عندنا قدرة على العطاء؟.. فلنتكلم كلاماً واقعياً.. إذا لم نساهم ونشجع ونُعِد ونؤهل قيادات جديدة تواصل المسيرة وتواصل بناء الجنوب وقيادته، نحن نكون الفاشلين وليس هم.. ولذلك، لا يوجد قيادة “أصلية” لشعب.. كل قيادة تتبنى رؤى وأهداف الشعب هي قيادة أصلية.

– القصة في القيادات الأصلية أو غير الأصلية، أنا أضع نفسي مكان الشعب، من الذي سيعمل الحوار الجامع، من أهم القيادات عندكم غير حزبكم؟
** يوجد مكونات، ويوجد رجال.. الاشكالية أن الاعلام، نتيجة أن بعض القيادات اشتهرت إعلامياً إما لوجود في السلطة أو غيره.. غطى هذا على آخرين/مقاطعة/

– يعني عملوها لحسابهم؟
** لا.. ليس كذلك.. لم أقل عملوها لحسابهم.. أقول اشتُهرت بعض القيادات نتيجة لوجودها في مراكز كبيرة في السلطة، هذا شيء طبيعي أنه يغطي على كفاءات أخرى غير ظاهرة.. نحن نريد من المؤتمر الجامع ، أن يبرز تلك الكفاءات بما فيها الشباب.. وأن لا يستمر الغطاء عليهم ويظهر فقط أربعة أو خمسة يقودون الجنوب.. هذا كلام غير صحيح.. هذا كلام خطاء.. وأنا دائماً أقول أن نحصر الجنوب في أربع أو خمس أو ست قيادات فهذا كلام فاضي.. هذا قتل للجنوب مستقبلاً.. هذا الظرف جعل الاعلام يركز على شخصيات برزت في فترات زمنية معينة أو حكمت في فترات زمنية معينة أو حتى أنا برزت أكثر في فترة ولم أحكم ولله الحمد.. هذه التغطية على الآخرين، نريد أن نزيلها.. نزيل هذه “البابوية”.. وتبرز قيادات، بعضهم في سننا أو أصغر منّا والشباب.. وبالتالي، نريد أن نزيل هذا الغطاء لإبراز قيادات جديدة ونركز عليها إعلامياً لأن هناك كفاءات، صدقيني هناك كفاءات قد تكون أكبر منّا بكثير وأقدر منّا بكثير ولديها طاقة أكبر منّا بكثير.. والجنوب ليس ملكنا.. الجنوب ملك الناس.. فلماذا لا نسمح للكفاءات، فهي موجودة في كل الأحزاب وفي كل المكونات والمستقبلية، وعلينا أن نعمل على بروزها، آن الأوان.. نحن بالنسبة لنا، في إطار حزبنا، في أول فرصة تسمح لنا نقيم مؤتمراً، فإن القيادات القديمة لن تترشح.. وهذا قرار والتزام.. في أول مؤتمر يتاح لنا إقامته، الآن لا نقدر نقيم مؤتمر للأسف، نحن كقيادات قديمة لن نترشح، سنبقى في الحزب، أرادونا نكون مستشارين، يستشيرونا في ما يشاؤون، ولا يستشيرونا في ما لا يشاؤون، واستشارتنا ليست ملزمة لهم، أرادت القيادة الجديدة أن يأخذوا بها فليأخذوا بها، ما أرادوا أن يأخذوا بها فلا يأخذوا بها، فهم أدرى بمستقبلهم.. هذا الذي سيصير في الرابطة.. ونريده أن يحدث على مستوى الجنوب من خلال المؤتمر الجامع.. أن نبرز قيادات جنبنا بأكبر عدد ممكن بالذات من الشباب.
ومشروعنا في إطار حزب الرابطة معلن بعنوان “السفر إلى المستقبل”

– أريد أن أسألك عن تصرفات السلطة من استقطاب قيادات وشخصيات وشباب جنوبيين ومن الحراك، ودفع تعويضات، وإدخال ناس في الوظائف، وإعادة الذين كانوا أبعدوا عن وظائفهم، وتعويض أسر الشهداء والجرحى.. هل ترى أن يقبل الناس ذلك من السلطة؟، البعض يقول يجب أن لا نقبل..
** هذا الكلام مهم جداً جداً، وهو قضية الساعة..
في أي حركة وطنية في التاريخ، ضد محتل، في كل مكان من العالم، كانت الشعوب وقياداتها في نفس الوقت الذي تناضل من أجل تحقيق استقلالها وبناء دولتها، فهي أيضاً تصر على تحقيق مطالب الشعب وحقوقه الذاتية والفئوية.. فلا تعارض على الإطلاق بين الاصرار على المطالبة بالتحرير والاستقلال وبناء الدولة وبين النضال لتحقيق المطالب والحقوق المشروعة للناس.. وهذا حدث في التاريخ كله عند كل الشعوب. وعندنا في الجنوب في عهد الاستعمار البريطاني، كان رواد الحركة الوطنية من مختلف الاتجاهات في الوقت الذي يناضلون فيه لتحرير الجنوب ووحدته، كانوا في نفس الوقت لا يتخلون عن النضال لتحقيق المطالب والحقوق المشروعة للشعب، مثل: التعريب في اللغة في عدن، ومثل تعريب الوظائف في عدن، ورفع الأجور، وتحسين ظروف العمّال، كل هذه مطالب حقوقية، ومع ذلك لا تتعارض مع النضال من أجل التحرير والاستقلال.. بل رديف له.. لذلك، فإن من حق شعبنا المظلوم –أفراداً وفئات– أن يحصلوا على كل حقوقهم المنهوبة والمصادرة سواء ممتلكات أو وظائف.. ولا يعني هذا مطلقاً أنهم قد تخلوا عن قضيتهم في التحرير والاستقلال.. إلا من قَبِلَ تلك الحقوق المطلبية كبديل للتحرير والاستقلال وذهب مع تنفيذ مخرجات حوار صنعاء التي تدفن القضية الجنوبية إلى الأبد..
نؤكد مرة أخرى، أن هذه حقوق لشعبنا وأفراده وجماعاته وليست هبة ولا رشوة من حاكم ولا صدقة ولا ثمناً لمواقف شعبنا مع قضيته، سيستمر شعبنا يناضل من أجل التحرير والاستقلال ويأخذ حقوقه الوظيفية وتعويضات من يستحق التعويضات من أسر الشهداء والجرحى فذلك حق شرعي لهم لا يؤدي إلى التنازل عن دماء ابنائهم ولا عن الأهداف التي ضحى ابناؤهم في سبيلها بأرواحهم، بل تزيدهم تمسكاً بتلك الأهداف التي استشهد من أجلها ابناء شعبنا وجُرح من أجلها الكثيرون الذين لايزالون يعانون من جراحهم وأُسر بسببها الأسرى الذي يعانون في سجونهم.. سيأخذ شعبنا حقه ولن يتنازل.. يا شعبنا خذوا حقوقكم، وزيدوا تمسكاً بقضيتكم.. فأخذكم لحقوقكم لا يمكن أن يكون ثمناً لقضيتكم ولن تقبلوا بذلك.. وفي هذا الإطار سيكون اللوم على من يأخذ من السلطة ما ليس حقاً له، فهذا سيعتبر كأنه رشوة للتخلّي عن قضيته..
النقطة الهامة الأخرى، نقول لإخواننا في السلطة من الجنوبيين، تذكروا كيف كنتم قبل الحراك؟.. وبقوة الحراك ومكانته صارت لكم هذه المكانة وصار لكم القرار.. وتخطئون ثم تخطئون ثم تخطئون إن اعتقدتم أنكم بمحاولة إضعافكم للحراك ستنجحون في إضعافه، وأنكم إذا نجحتم في إضعافه ستكون لكم مكانة أو قوة، بل ستعودون كما كنتم لا مكانة لكم ولا قرار في هذه الدولة.
يا أخواننا الجنوبيين في سلطة صنعاء المحتلة: كونوا مع شعبكم، فهو وحده –بعد الله– الذي سيحفظ لكم مكانكم ومكانتكم، ويحفظ لأولادكم وأحفادكم قيمتهم واعتزازهم بأنهم ابناؤكم وأحفادكم.. ولا تكونوا مع من يسحق شعبكم، فهذا ليس جديراً بكم، وإن جئتم إلى شعبكم الجنوبي فسنضعكم على رؤوسنا.. وإن بقيتم مع غيره، فهذا لا نرضاه لكم، ولا مستقبل لكم في صنعاء ونثق أنكم لن ترضونه لأنفسكم .

– قراءتك للمشهد اليمني بشكل عام، الذي يحدث فيه والذي يحدث من القاعدة في عدن والمجازر والمذابح التي حصلت؟ كل يوم نرى كارثة جديدة.
**كل مايجري في اليمن يؤكد صعوبة بناء دولة في صنعاء وينذر بمخاطر.وحتى إن اتفقوا فلن يكون إلا اتفاقا هشا لا يلبث أن يثور. الذي حصل في حضرموت المذبحة، جديدة، جديدة، وقد صدروا لنا التطرف فكرا وآليات من اليمن وهو غريب عنا وسينتهي ببناء دولة الجنوب العربي المستقلة كاملة السيادة .

– القاعدة من الذي يمولها؟ وساكتين عليها لماذا؟ نحن نعلم أن القاعدة موجودة في اليمن وأفغانستان وبعض البلدان الأخرى لكنها زادت بشكل مبالغ فيه بعد ظهور داعش في العراق؟
** تصوري مجموعة من القاعدة نازلين بأسلحتهم إلى السوق يتمشون بسلام آمنين، لا أحد يكلمهم، وسط المكلا .. وفي الليل يعملون تفجيرات والليلة التالية حظر تجول!!.. وهذا دليل أن هناك قوى في السلطة تستخدمهم.

– المشهد الحالي في اليمن وفي الجنوب.
** في اليمن.. الصراع القائم بين من يسمون بأنصار الله “الحوثيين” وبين معظم مراكز القوى السابقة في السلطة وعلى رأسهم الإخوان المسلمين “حزب الإصلاح”.. وللأسف أن مشهد الصراع يأخذ أحياناً السمة المذهبية.. فنعلم أن أنصار الله الحوثيين يتبنون المذهب الزيدي علناً فهم منتمون له والذي كان قد تعرض للتهميش والتقليص والاقصاء فترة طويلة، وتسندهم إيران واحياناً غيرها.. والطرف الآخر يستفيد من بعض وحدات القوات المسلحة التي كان يسيطر عليها في العهد الماضي ومن مليشيات الاخوان المسلمين ومن ضمنهم التكفيريين المتطرفين الذي انتمى كثير منهم إلى من يسمون أنفسهم بأنصار الشريعة “القاعدة”، وهم ليسوا أنصار شريعة.. وواضح أن الحوثي قد حقق تقدماً غير مسبوق، وأصبح يسيطر على معظم المنطقة باليمن الأعلى “الزيديين”، وأصبحت العاصمة صنعاء قاب قوسين أو أدنى من يده ولكن بثمن باهض، ويعتمدون في سيطرتهم على من يستقطبون من أهل المناطق نفسها.. والسلطة في صنعاء من الناحية الرسمية على الحياد واحياناً وسيطة في فض المعارك، وهي حالة غير مسبوقة في التاريخ في أي دولة في العالم!.. ويبدو أن الذي يؤخر الانتشار الأكثر للحوثيين هو توازنات القوى الدولية وليس مطلقاً غير ذلك.. هذه الصورة انعكست في الجنوب حيث كما نعلم أن القاعدة وفكرها ونشاطها وألياتها تم تصديرها من اليمن إلى الجنوب منذ حرب 1994م التي شارك فيها المتطرفون التكفيريون، والأدلة واضحة على هذا الأمر، ولم يكن لهذا النوع من التطرف أي وجود في تاريخ الجنوب كله. أي نوع من التطرف باسم الدين لقرون طويلة.. والموجودون في الجنوب من هؤلاء هم قلة جنوبيون تم استقطابهم وحَشْوِ عقولهم بالفكر المتطرف في اليمن وغيرها.. والأغلبية هم من اليمن ومن دول كثيرة أخرى، عربية وأجنبية، عندنا في عدن سعوديون ومصريون وجزائريون وأفغان وغيرهم.. وما حدث في حضرموت مؤخراً من جريمة بشعة غير مسبوقة في تاريخنا تم فيها ذبح جنود ذبح الشياه وهم يرددون الشهادتين والجزارون يكبرون ويصورون العملية بكامل تفاصيلها، وهو أمر ضجت له قلوب الجنوبيين وغير الجنوبيين بالرفض والاستنكار والادانة. ومن الملاحظ أنهم كانوا يطلقون على الجنود الضحايا أنهم روافض أي شيعة، ويقولون أنهم من قتلوا أهل السنة في “عمران” ليعمّقوا كذبة أن الصراع صراع مذهبي وهو في الحقيقة صراع سلطة ومراكز قوى ونفوذ أُلبِسَ ثوب المذهبية زوراً وبهتاناً ولم يسبق في تاريخ المنطقة أن قامت حروب على هذا الأساس وبهذه الصورة البشعة. مما يؤكد أن وجود القاعدة أو من يسموا أنفسهم بـ “أنصار الشريعة” في الجنوب هو وجود مصنوع ليعكس وينقل صراع أهل السلطة في صنعاء على مراكز القوى والسلطة والمصالح.
نحن نؤكد عن معرفة موضوعية لكل هذا الأمر أن قيام دولة الجنوب سيعيد الجنوب إلى وضعه الذي سار عليه قروناً وهو التمسك بالنهج الإسلامي السمح المعتدل الذي عُرف به الجنوب تاريخياً، والذي من خلاله وبه نشر أبناء حضرموت الدعاة الإسلام السمح المعتدل في أكثر من ثلث العالم الإسلامي اليوم سكاناً وأرضاً، دون قطرة دم واحدة. ولن يكون في الجنوب، إن أخذ استقلاله وأقام دولته الجنوبية، أي مكان لهذا الفكر المتطرف وأدواته المصنّعة في اليمن. بل سيساعد قيام دولة الجنوب المستقلة في تقليص نهج التطرف وأدواته في المنطقة، وذلك للموقع الهام الذي يحتله الجنوب في منطقة الجزيرة العربية، ولتجذر النهج الإسلامي السمح المعتدل عند ابنائه.

– أريد أن اسألك عن مصر ودور مصر في قضية الجنوب، ما الذي تأملونه من مصر في دولة الجنوب؟ أيضاً مثلما لديكم قاعدة نحن لدينا ولكن بشكل مختلف، ونحن لدينا جنود تم تكتيفهم وقتلهم بالرصاص مع التكبير، القاعدة واحدة في أي مكان.. كيف ترى دور مصر؟
** أولا نهنئ مصر بانتخابها للرئيس السيسي، ليس ذلك مجاملة ولا مداهنة ولكن عن معرفة حقيقية بمصر وتركيبتها وسياساتها ودورها. فمصر تستحق رجل كالسيسي، والسيسي يستحق أن يرأس دولة عظيمة كمصر.. وأنا خريج الكلية الحربية المصرية، وأساتذتي لازال بعضهم على قيد الحياة منهم المحلل الاستراتيجي اللواء طلعت مسلّم، كان يدرسنا تكتيك عسكري، رجل وطني معروف. للأسف أن في مرحلة من المراحل مصر تخلّت عن دورها العربي ماعدا ما تقوم به في فلسطين، وفي محاولاتها للم شعث الاخوة الفلسطينيين.. أما باقي القضايا العربية فقد غابت وأهملت وتخلّت عن أي دور لها. فأصبحت لا تضر ولا تنفع في القضايا العربية الأخرى، وجاءت ثورة 25 يناير ثم الثورة المكمّلة 30 يونيو ثم موقف الاخوان المسلمين المدمِّر في مصر وغيرها من الدول العربية، فشعرت مصر بحاجتها للعرب، وشعر العرب أنهم لا يستطيعون الصمود بدون مصر. وتم التعبير عن هذا الشعور بتلك المواقف العربية الرائعة مع مصر وثورة الـ30 يونيو وبالأخص موقف المملكة العربية السعودية ومليكها والإمارات العربية المتحدة والكويت وغيرهم، فكانت مفتاح عودة مصر لدورها العربي الذي نعتقد أنه سيكون القوة المحركة إلى جانبها الأشقاء في دول الجزيرة لإدارة كثير من الملفات العربية. من هذا المنطلق، ومن منطلق أن الجنوب يحتل موقعاً استراتيجياً هاماً، سواء على البحر العربي المفتوح وجزيرة سقطرى التي هي على مدخل المحيط الهندي وعلى القرب من شواطئ القرن الأفريقي، أو باب المندب وجزيرة “ميون” الجنوبية التي تقع على مدخل باب المندب وهو أهم ممر في المنطقة إلى جانب قناة السويس التي هو بدونها لا شيء وهي بدونه لا شيء. وتأتي خطوة المشروع العظيم في مصر بحفر قناة سويس موازية ليضاعف من أهمية قناة السويس وبالتالي يضاعف من أهمية باب المندب. ولا نعتقد في ظل هذا المشروع الاستراتيجي وفي ظل الموقعين الاستراتيجيين لباب المندب وقناة السويس إلا أن المصالح بين مصر والجنوب العربي تتكامل.. وترك الأوضاع كما هي في إطار وحدة مع اليمن، في ظل تلك القوى المتصارعة في صنعاء، فإن أياً منها يستولي على السلطة سيكون خطراً على هذا الممر لصالح دول أخرى أو توجهات أخرى.

– فكرة تقسيم اليمن، هل لازالت قائمة أم لا؟ مخرجات حوار جمال بنعمر، فكرة مخرجات الحوار تقسيم اليمن إلى 6 أقاليم من ضمنهم الجنوب حضرموت وعدن، بالنسبة لليمن هل تم التقسيم أم لا؟ هل أنت معه أم لا؟
** لم يتم حتى الآن تنفيذ مخرجات هذا الحوار، ولا نعتقد بنجاح تنفيذها، وكما أسلفت، بالنسبة لنا كجنوب فإن مخرجات الحوار هذه تشكل خطراً على القضية الجنوبية وعلى وجود شيء اسمه جنوب، دفن للجنوب، انهاء شيء اسمه جنوب.. ومن يصور للناس بأن هذه الخطوة على طريق استقلال الجنوب وتحقيق آمال شعب الجنوب، فهو إما أنه لا يدرك ولم يطلع على تفاصيل هذه المخرجات أو أنه أصلاً لا يؤمن بالهوية الجنوبية التي تنهيها مخرجات الحوار. لذلك رغم كل ما يجري على الساحة الآن فلا نعتقد أن شعبنا في الجنوب سيقبل بدفن قضيته وجنوبه وهويته.
أما بالنسبة لإخواننا في دولة اليمن الشقيق المجاورة فيختارون ما يحلوا لهم، ومن وجهة نظري أن نظام فيدرالي في اطارهم، في اطار الجوار اليمني، قد تكون الأسلم لهم. كما انها الأسلم لنا في إطار دولة الجنوب العربي.

– الفصل السابع أو البند السابع ؟
** الباب السابع في ميثاق الأمم المتحدة هو الذي يتيح للأمم المتحدة فرض عقوبات ومنها استخدام القوة ضد المخالف لقراراتها. ونحن نقول أن قرارات مجلس الأمن الصادرة بشأن اليمن تخص الأخوان في اليمن، أما نحن فلسنا يمن، إنما نحن جنوب.. وهناك في ميثاق الأمم المتحدة من البند الأول في الميثاق ما يسند قضيتنا، بل أستطيع أن أقول بعد دراسة معمقة لمخرجات الحوار الخاصة بالقضية الجنوبية أنها مخالفة لميثاق الأمم المتحدة وللقانون الدولي، ولدينا ما يثبت هذا من نص ما جاء في تلك المخرجات وسنعلنه قريباً.. وبالتالي سنثبت للعالم أنه لا يجوز تنفيذها طبقاً للقانون الدولي نفسه. ومن هنا، فإن الباب السابع في ميثاق الأمم المتحدة لا ينطبق بحكم القانون الدولي على رفض شعب الجنوب لهذه المخرجات، فإرادة الشعب تشكل أساسا في ميثاق الأمم المتحدة وفي القانون الدولي المعاصر.

وأقول لنفسي ولجميع القيادات الجنوبية أن لا خوف من تلك العقوبات ومن يجد نفسه خائفاً فالأفضل أن يعلن تجميده لنشاطه السياسي، ولو مؤقتاً، فذلك خيراً لقضية شعب الجنوب ولشعب الجنوب العربي من أن ينساق ويسلم لتلك المخرجات المدمرة للجنوب وقضيته وهويته.

شاهد أيضاً

الجفري يكشف في حوار مع “سبوتنيك” أهم مراحل الصراع بين الجنوب العربي و اليمن (الشمال)

حوارات – سبوتنيك – 2018.11.06م تاريخ طويل من العمل السياسي تخطى ستة عقود، كان خلالها …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *