موقف حزب الرابطة من مشاورات “استوكهولم” وما يتم تداوله من مشروع إطار للمفاوضات القادمة

موقف حزب رابطة الجنوب العربي الحر (الرابطة) من مشاورات “استوكهولم” وما يتم تداوله من مشروع إطار للمفاوضات القادمة

توطئة هامة:
أولاً: إننا مع حل سلمي لقضية الصراع بين الأشقاء على السلطة في صنعاء.
ثانياً: إننا مع التحالف العربي في تأمين منطقتنا وأمتنا من النفوذ والتدخلات الإيرانية.
ثالثاً: إننا نفضل الحل السلمي لقضية الجنوب العربي ونهدف إلى علاقات سوية ومتميزة مع الإخوة في اليمن الشقيق، وإن ما مضى من صراعات قد بنت جُدُراً من الكراهية لا تليق بماضي العلاقات بيننا ولا تسمح ببناء وحدة مفروضة ومرفوضة، وآن الأوان لهدمها وإعادة بناء جسور للمودة والعلاقات السوية والمصالح المشتركة بين دولتين مستقلتين تجمع بينهما المودة والجوار والمصالح المشتركة الكثيرة والكبيرة.
رابعاً: إن التوصيف الصحيح والواقعي لقضية الجنوب العربي أنها “قضية وطنية” وليست قضية سياسية ليتم حلها بتسوية سياسية تسمح بالتنازلات عن أهداف شعب الجنوب الذي قدم قوافل من الشهداء والجرحى وتعرضت بلاده للدمار في حروب أنظمة الأشقاء في اليمن على الجنوب العربي. ولذلك تحققت الانتصارات الواضحة الوحيدة على الغزو الأخير للجنوب العربي لأن الشعب ومقاومته العظيمة كانا يدافعان عن وطن وليس عن سلطة.
خامساً: إن تحديد توصيف قضية الجنوب العربي كقضية سياسية وتحديد آليات حلها في غياب ممثلي القضية، المؤمنين بها والمتمسكين بها، سابقة خطيرة لم تحدث في التاريخ لأي قضية مماثلة… وهذا الأمر للأسف يؤسس لعدم تحقيق أمن واستقرار وتنمية في كل المنطقة.

ومن منطلق أن حزب الرابطة من الذين عاصروا القضية وتاريخها وأسسها ومنطلقاتها ومرتكزاتها الوطنية والقانونية والإقليمية والدولية منذ عصر الرواد من بداية خمسينيات القرن الماضي فإننا نؤكد على التالي:
1. إن الحقائق المذكورة أدناه تتعلق بقضية شعب الجنوب العربي والتي لم تُؤخذ في الاعتبار عند إعداد الإطار، المتداول، برغم أن الأمم المتحدة كانت، ومازالت، حاضرة في هذه القضية طيلة العقود الماضية.
– إن قضية شعب الجنوب العربي، الذي بدأت معاناته منذ عقود ومازالت مستمرة، من جراء قرار وحدة لم يكن لها وجود في التاريخ حيث بلاد العربية الجنوبية Southern Arabia قبل الإسلام وبعده، لم تشهد ميلاد كيان ولا وجود لكيان حمل اسم اليمن.. إلا أن العالم عرف وتعامل مع هذه التسمية – اليمن ككيان سياسي – في التاريخ الحديث منذ عهد الإمام يحيى بن حميد الدين، وذلك بعد انتهاء الحرب العظمى الأولى وانسحاب تركيا حيث أطلق اسم المملكة المتوكلية اليمنية فقط على ما عُرف فيما بعد بالجمهورية العربية اليمنية. ولم يكن الجنوب العربي جزءاً من تلك الدولة التي حملت اسم اليمن كدولة لأول مرة في التاريخ. فاليمن في التاريخ كله هي مسمى لاتجاه مثل مسمى الشام.
– كان الجنوب العربي، بمقتضى قرارات الأمم المتحدة في 1963 وما بعدها وفي مذكرة النقاط المتفق عليها بشأن استقلال الجنوب العربي المبرمة بين بريطانيا وممثلي الجبهة القومية منذ 30 نوفمبر 1967م، دولة مستقلة ذات سيادة تمت تسميتها من جهة واحدة – جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية ولاحقاً جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية. وكانت دولة عضواً في الأمم المتحدة ومنظماتها المتخصصة وعضواً في جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي وغيرها. وكانت لها علاقات دبلوماسية وقنصلية وتجارية وغيرها من العلاقات مع كثير من دول العالم.
– في 22 مايو 1990م جرى إتمام وحدة بين دولتين، هما:
الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، كشطرين من قطر اليمن وليس كقطرين وهذا بذاته لا أساس له من الصحة ودون الرجوع إلى شعبيهما في كل من الدولتين…وكل هذا يطعن في اتفاق الوحدة ذاته.
– كشفت الخلافات السياسية الجوهرية بين أطراف السلطة في صنعاء منذ اللحظة الأولى لقيام دولة الوحدة – الجمهورية اليمنية – حقيقة التناقضات بين الشعبين والبلدين. وتم في صيف 1994م الاجتياح الكامل للجنوب. وتدخل مجلس الأمن وأصدر قراريه رقم 924 لعام 1994م ورقم 931 لعام 1994م تحت عنوان “الحالة اليمنية”. وشدد القرار على وقف إطلاق النار وعدم جواز حل الخلافات السياسية بالقوة طالباً استئناف الحوار بين أطراف النزاع.. لكن النظام في صنعاء لم يلتزم حتى بهذين القرارين.
– برغم تعهدات صنعاء للأمم المتحدة ولدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية إلا أنه لم يفِ بتعهداته، وفرض السيطرة على كل الجنوب بالقوة المسلحة وحوّل الأمر إلى إحتلال واستعمار، وهو ما اعترف به أهم رموز السلطة في صنعاء في لقاء متلفز.
– عبّر شعب الجنوب العربي منذ اللحظات الأولى لاجتياح أرضه عن رفضه لذلك الوضع.
– لم يستكن شعب الجنوب العربي أمام عنجهية المحتل اليمني حيث باشر حالة الرفض والاحتجاج والمقاومة السلمية غداة اجتياح وطنه وصولًا إلى إطلاق ثورته التحررية السلمية (الحراك الجنوبي) عام 2007م التي تعاظم زخمها واحتشاد السواد الأعظم من أبناء الجنوب في ميادينها ورغم كافة أشكال القمع والبطش التي جابه به نظام الاحتلال اليمني هذه الثورة السلمية ورغم تعاظم التضحيات التي قدمها شعبنا فإن مارد الثورة التحررية الجنوبية مضى بكل قوة وعنفوان محتفظاً بسلميته مستهدفاً انتزاع حرية واستقلال الجنوب العربي وإقامة الدولة الفيدرالية الجنوبية الجديدة كاملة السيادة.
– قيام تحالف الرئيس السابق علي عبدالله صالح مع مليشيات الحوثي – أنصار الله – بغزو الجنوب العربي للمرة الثانية (بعد حرب صيف عام 1994م) في 26 مارس 2015م بهدف تكريس فرض الوحدة بالقوة. غزو وحرب عدوانية شُنّت بتأييد ودعم لوجستي عسكري من جمهورية إيران الإسلامية.
– لم يكن أمام شعبنا العربي في الجنوب وقواه السياسية والحراكية وكافة شرائحه من خيار سوى المقاومة المسلحة دفاعاً عن النفس.. وأدى هذا الاجتياح الثاني إلى حرق وقتل الآلاف وجرح أعداد كبيرة للغاية من المواطنين العزّل.. وإحداث دمار هائل لكل شيء في الجنوب، وتشرّد على إثره أكثر من نصف السكان، وتعرّض السكان في الكثير من المدن لحصار خانق وحرمان قاتل من أبسط الضروريات مثل الماء والغذاء والدواء والوقود والأمان. وأصبحت كثير من مدن الجنوب منكوبة.
كل هذا القتل والحرق والدمار والتشريد والمآسي الإنسانية غير المسبوقة في الجنوب كلها جاءت بسبب الوحدة المفروضة على شعبنا في الجنوب العربي.
– بانخراط المقاومة الوطنية الجنوبية في التصدي للاجتياح اليمني الثاني (2015م) انطلقت، في تلك الأثناء، عاصفة الحزم لدول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ودور مميز لدولة الإمارات العربية المتحدة. وقد قدّمت كل من المملكة والإمارات الدعم والإسناد للمقاومة الوطنية الجنوبية التي تمكنت من تحرير مختلف محافظات الجنوب تقريباً.
– بتحرير مختلف محافظات الجنوب انتقل شعب الجنوب العربي إلى واقع جديد فرضته الأحداث.. فأصبح أمام هذا الشعب كل الخيارات متاحة لتحقيق هدفه المنشود الذي لا يتعارض ومبادئ وقواعد القانون الدولي المعاصر.

2. برغم أن المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن أبرز في 17 أبريل 2018م في إحاطته إلى مجلس الأمن للأمم المتحدة (((فلن يكون هناك سلام في اليمن إذا لم نستمع أيضاً إلى أصوات الجنوب ونتأكد من تضمينها في الترتيبات السياسية التي تنهي الحرب))).. إلا أنه تم الإكتفاء بالإشارة إلى القضية الجنوبية في البند السابع من إطار المفاوضات اليمنية، المتداول، وذلك ضمن القضايا السياسية المعلقة باعتبارها قضية ثانوية.!!!

3. ترتبط القضية الجنوبية بالسلم والأمن الدوليين ليس في جنوب شبه جزيرة العرب فحسب بل والمنطقة برمتها. وتقع على عاتق الدول خاصة الكبرى المؤثرة تقديم الحماية لشعب في أمس الحاجة إليها والدعم المناسب ليتمكن من تحقيق تطلعاته.. وذلك حتى لا يضطر للدفاع عن حقه وأهدافه ويتعمق الصراع بشكل يصعب السيطرة عليه.

4. يجب أن لا يغيب عن الأذهان أن القضية الجنوبية هي قضية شعب ووطن وهوية. فشعبنا في الجنوب العربي يؤكد تصميمه على حقه المشروع في التحرير والاستقلال وإقامة دولته الوطنية الفيدرالية المستقلة كاملة السيادة على ترابه الوطني. وقد أثبتت الأحداث استحالة الاستمرار لأي شكل من أشكال الوحدة بين الجنوب العربي واليمن. ويستحيل بعد كل ذلك الحرق والقتل والتدمير أن يقبل شعبنا التعايش بأي شكل، ولو ليوم واحد، مع قاتل أبنائه ونسائه وشيوخه وأطفاله ومع مدمري مدنه. وإن أي فرض على شعبنا سيكون العائق الرئيسي أمام أي أمن واستقرار وتنمية في المنطقة. وإن استقلال الجنوب وبناء دولتين – اليمنية والجنوبية – هو السبيل لإتاحة الفرصة ليشعر الجنوبيون بتحقيق إرادتهم وتُبنى جسور المصالح المشتركة محل جُدُر الكراهية والصراعات.

5. إننا لا نرى في الأفق أي أمن واستقرار في ظل الأوضاع القائمة في البلاد.. وحيث أن ميثاق الأمم المتحدة ينص على حق الشعوب في تقرير المصير الذي هو اليوم من القواعد الملزمة في القانون الدولي، وسند الشعوب التواقة للحرية والاستقلال. وينص على هذا المبدأ القانوني في كل من العهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وذلك في الفقرة (1) من المادة (1) من هذين العهدين على أن:
(لكافة الشعوب الحق في تقرير المصير، ولها، استناداً إلى هذا الحق، أن تقرر بحرية كيانها السياسي وأن تواصل بحرية نموها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي).
والجمهورية اليمنية هي من أطراف هاتين الاتفاقيتين.. وذلك لانضمام جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية إليهما في 9 فبراير 1987م كما تبرز ذلك وثائق الأمم المتحدة الخاصة بهاتين الوثيقتين. ويؤكد هذا أن لشعب الجنوب العربي كامل الحق في أن ينال حريته وأن يقيم دولته المستقلة بعيداً عن الفوضى والعشوائية والهيمنة والاستعلاء والعنصرية والنهب والسلب الذي لم يتوقف حتى هذه اللحظة من هذا اليوم. وعليه فإننا نطالب فوراً بقوات دولية وإقليمية تحمي شعبنا وأرضنا وتقيم إدارة محلية للجنوب العربي ويبقى شعبنا تحت إشراف إقليمي ودولي لفترة لا تزيد عن اثني عشر شهراً يجري خلالها استفتاء حر مباشر لاختيار مستقبله ونظام دولته المستقلة وفق إرادته الحرة.

6. إننا نؤمن أن التفاوض هو المدخل النهائي لتحقيق أهداف شعب الجنوب العربي في التحرير والاستقلال.. فوحدة مفروضة.. بكل تأكيد.. هي مرفوضة.
ونرى أن يتم التفاوض حول الحل النهائي السلمي للقضية الجنوبية بما يحقق إرادة شعب الجنوب العربي ويلبي تطلعاته المشروعة في الاستقلال وإقامة دولته الوطنية وذلك وفقاً لما يلي:
– أن يتم التفاوض بين ممثلي قضية الجنوب العربي وممثلي دولة اليمن على أن يحدد سقف زمني للتفاوض لا يزيد عن ثلاثة أشهر.
– أن تكون المرجعية الحاكمة بين الطرفين المتفاوضين القانون الدولي المعاصر وميثاق الأمم المتحدة – المادة الأولى الفقرة الثانية وإرادة شعب الجنوب العربي التي عبّر، ومايزال، يعبّر عنها.
– أن يكون التفاوض تحت إشراف دولي وإقليمي.
– أن يتم التفاوض في مكان محايد.
– أن يتم تشكيل فريق عمل مشترك لوضع برنامج بجدول زمني لإنجاز القضايا المشتركة لإقامة دولة الجنوب العربي.

7. إن الدولة في الجنوب العربي لن تكون سوى دولة مدنية حديثة، دولة نظام وقانون تقوم على مبدأ الفصل بين السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية واستقلال القضاء وتمكين المرأة وإفساح المجال للشباب واستقلال الخدمة المدنية بإنشاء هيئة مستقلة للخدمة المدنية وإلغاء الإعلام الرسمي والاهتمام بالتعليم العام والفني والمهني والحرية الاقتصادية واقتصاد السوق الاجتماعي وتكافؤ الفرص ومنع الاحتكار والاهتمام بالبحث العلمي في مختلف التخصصات وحماية البيئة.
وفي دولة الجنوب العربي الفيدرالية المستقلة لا مكان لإقصاء أي مواطن من مواطنيها ولا تهميش أي منطقة من مناطق الأرض الجنوبية العربية سواء في شرقها أو غربها، ولا مكان للإرهاب بكل أشكاله، بل بتجفيف منابعه واجتثاثه.

8. إقامة علاقات متميزة ومتناغمة مع الإقليم.. وتبادل المصالح المشتركة مع العالم وصيانتها.

وسنظل مع شعبنا في كل الظروف. وما ضاع حق وراءه مطالب وما ضاع وطن به شعب عظيم كشعب الجنوب العربي. والله غالب على أمره.

الجنة للشهداء.
الشفاء للجرحى.
الحرية للأسرى.
النصر بإذن الله للجنوب العربي وشعبه.
والأمن والسلام لكل المنطقة والعالم.

عدن في:
3 ربيع الثاني 1440هـ
10 ديسمبر 2018م

شاهد أيضاً

الكثيري رئيسا مفوضا ويحيى الجفري نائبا له وفضل محمد ناجي قائم بأعمال الأمين العام

بعد مشاورات وتواصل مباشر وغير مباشر وتنفيذ لمشروع حزب الرابطة (السفر إلى المستقبل) أجرى حزب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *